بينات من الآيات :
[١] معرفة الله أعظم باعث للإنسان نحو عبادته والتسليم له ، وخير ضمانة للاستقامة على ذلك ، ومنهج معرفته تنزيهه عن الشريك ، ومعرفة أسمائه الحسنى لنعرف أنه سبحانه أهل للعبادة فتسلم له نفوسنا وعقولنا وجوارحنا وقد ألهم ربنا كلّ شيء قدرا من نور معرفته ، فاذا بكل شيء يسبح بحمده ، «وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ».
(سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ)
تسبيحا تكوينيا بما فيها من عجز ومحدودية ، اللذان يعنيان افتقارها الى الخالق والمدبر ، وتسبيحا عمليا حيث خضع كلّ شيء لإرادته وسننه ، واستجاب لأمره ونهيه ، تسبيحا ناطقا كل بلسانه ، ولو أن مخلوقا مختارا كالإنسان تمرد فلم يستجب لله ، ولم يتلفظ بذكره ، فانه لا يستطيع الخروج عن تسبيحه بصورة تكوينية كما يقاوم إرادته وسننه ، بل ولا يمكنه البقاء على ذلك إلى الأبد ، فإذا لم يستجب بإرادته واختياره فسوف يخضع بكل وجوده في القيامة حيث يكون الدين لله.
وشذوذ الإنسان عن مسيرة الوجود من حوله إذا رفض الاستجابة لربه لا يغيّر من شأنه عزّ وجلّ شيئا ، فهو بذاته منزّه سواء سبحه خلقه أم لا ، ذلك لأن تعاليه وسموه عن الشريك والعجز والمحدودية حقائق ذاتية وليست مكتسبة.
(وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)
تتجلى عزته وحكمته في الوجود ، وفي مسيرة البشرية ، وفي كتابه الذي تجلى فيه لخلقه ، ويؤكد القرآن هاتين الصفتين في مطلع السورة وخاتمتها لما في آياتها من