لوجدناه صورة أخرى لهذه الآية الكريمة ، فبعض المسلمين اليوم يزعمون بأن اليهود لا يخرجون من فلسطين. الأمر الذي دفع الكثير منهم الى الاستسلام ورفع راية التطبيع. والصهاينة الذين تدعمهم القوى الاستكبارية يجدون أنفسهم محصنين ضد أي قوة ، وأنّهم أقوياء ، ويدفعهم هذا الغرور ليس إلى الإصرار على البقاء في فلسطين ، بل يثير فيهم الأطماع التوسعية أيضا.
ولكن قوة الله فوقهم وسوف يهزمهم بجنده «وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَما دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا ما عَلَوْا تَتْبِيراً» (١).
وسيأتي اليوم الذي يتأكد للصهاينة الغاصبين ومن يدعمهم ان قوتهم لا تغني عنهم شيئا ، فان الله يعلم نقاط ضعفهم ، ولديه من الأساليب والمكر ما لا قبل لهم به ، فقد اغتر آباؤهم وأسلافهم ،
(وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللهِ)
فاعتمدوا على العوامل الظاهرية ، وخططوا على أساسها ، بما هو في نظرهم خطة محكمة ، لا يمكن تحديها ، ولكن غاب عنهم الكثير من الحتميات والحقائق فلم يحسبوا لها حسابا ، وما عسى يبلغ البشر من العلم حتى يحيط بكل شيء؟!
(فَأَتاهُمُ اللهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا)
قال أغلب المفسرين : بأن قذف في قلوبهم الرعب ، والذي يظهر بأن ما لم يحتسبوه كان شيئا آخر غير الرعب إذ لو كان الرعب لاتى التعبير «فقذف» والحال انه قال بعدها (وقذف) ولعله اغفلوا في خططهم حتى بعض الجوانب الظاهرة مما
__________________
(١) الإسراء / ٧