تلا الآية.
ومن أهمّ العبر التي نستفيدها من هذا الحادث التاريخي هو معرفة حكمة الله وعزته ، والثقة بنصره للمؤمنين رغم الظروف والعوامل المعاكسة ، وما أحوجنا ونحن نقف اليوم في جبهة الصراع ضد أعداء الأمة الإسلامية ، وبالذات ضد الصهاينة الغاصبين أن نتسلح بهذه البصيرة ، وننتفع من دراسة تلك التجربة التاريخية.
[٣ ـ ٤] وتأتي الآية الثالثة لتضعنا أمام النتيجة التي انتهى إليها الصراع ، حيث سلط الله رسوله على اليهود ، فكتب للمؤمنين النصر ولهم الجلاء عن المدينة الى بلاد الشام وغيرها ، ويلفتنا القرآن إلى سماحة الإسلام ، وكيف انه لا يدفع أبناءه الى الصراع من منطلقات الحقد ، وإنما يدفعهم اليه بدوافع إلهية وانسانية ، فمع استسلام اليهود ، وتمكن المؤمنين منهم ، لم تندفع القيادة الرسالية الى الانتقام ، إنّما أمضت حكم الله في القضية بإجلائهم ومصادرة ممتلكاتهم ـ الا ما يلزمهم للطريق ـ وهذا بذاته تأكيد آخر على أن موقف الإسلام من أهل الكتاب لا يتأسس على المطامع أو العنصرية أو أيّ شيء غير الحق ، والا لقتلوهم ، واستعبدوهم ، وسبوا نساءهم.
(وَلَوْ لا أَنْ كَتَبَ اللهُ عَلَيْهِمُ الْجَلاءَ لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيا)
على أيدي المؤمنين أو بطريقة أخرى ، دون ان يقتصر الأمر في إجلائهم ، أو يؤخر عذابهم إلى الآخرة.
(وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابُ النَّارِ)
ونهتدي من هذه الآية الى أن العذاب الذي يلقاه المجرم المصرّ في الدنيا لا يرفع عنه عذاب الآخرة ، إنّما يواجه الاثنين معا.