الأنسب لأعداء الله.
(وَلِيُخْزِيَ الْفاسِقِينَ)
ولعلنا نفهم من هذا المقطع أن استئصال النخل. كان يدخل في سياق تضييق الحصار ، وإدخال الرعب الى قلوبهم ، واستئصال وجودهم من المدينة ومن حولها. جزاء فسقهم ومشاقتهم ، فمع أن الإسلام دين الصلاح والإصلاح ، وينهى عن الفساد في الأرض ، ويعتبره من صفات الرجل الطاغية الذي لا يحبه الله ، قال تعالى : (وَإِذا تَوَلَّى سَعى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيها وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللهُ لا يُحِبُّ الْفَسادَ) (١) (وَاللهُ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ) (٢) وقال (فَاذْكُرُوا آلاءَ اللهِ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ) (٣) ولكن الإسلام يبيح إهلاك الزرع وحتى النسل إذا توقف نصر الحق وإجراء العدالة على ذلك ، لأنه حينئذ سوف يصبح جزء من خطّة الإصلاح ، وإنما يحرم إذا كان فسادا ، وحينما يدرك المسلمون هذه الخلفيات والقيم الهامّة فلن تؤثر فيهم الشبهات والشائعات ، وسوف يسلمون لقيادتهم ودينهم عن قناعة راسخة.
اما الشبهة الثانية : فقد انطلقت من أفواه المنافقين ، لما تصرف الرسول في فيء بني النضير وصرفه للمهاجرين دون الأنصار ، إلا اثنين منهم هما : سهل بن حنيف وأبو دجانة ، فاتهم المنافقون الرسول بالانحياز الى قومه من المهاجرين ، وحاولوا بذلك إيجاد الفرقة بين الفريقين ، وفصل الأنصار عن النبي (صلّى الله عليه وآله) وبالتالي إضعاف قيادته وحركته ، والذي يظهر أن أكثرهم كانوا من أهل المدينة الذين لم يعطوا حصة من الفيء ، فاندفعوا بهذا العامل وبعامل النفاق المتأصل
__________________
(١) البقرة / ٢٠٥
(٢) المائدة / ٦٤
(٣) الأعراف / ٧٤