وبصورة أنفع وأكثر فاعلية ، فالإسلام لا يريد الحركة الاقتصادية تنحصر في طبقة معينة ، في أصحاب رؤوس الأموال ، وتبقى الطبقات الأخرى رهينة الفقر والاستغلال ، لأن ذلك ليس نظاما اقتصاديا سليما ، إنما يحرص على رفع الحاجة والطبقية ، وتحريك المال بوسائل مختلفة ، يفرض بعضها ، كالخمس والزكاة والإرث ، ويحضّ على بعضها الآخر ، كالصدقة والقرض والدين.
(كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِياءِ مِنْكُمْ)
أي محصور تداولها بين الفئة الغنية ، ومن هذه الآية الكريمة نهتدي إلى أنّ الإسلام لا يحرم الملكية الفردية كما في الأنظمة الاشتراكية ، ولا يطلقها تماما كما في الأنظمة الرأسمالية ، انما يجعل للمحرومين نصيبا محدودا في أموال الأغنياء ، ويضع حدا للملكية الفردية بأن لا تتجاوز حقوق المحرومين الى الحدّ الذي تحتكر الثروة ، وتتسلط على اقتصاد المجتمع ، وتعتبر هذه الحكمة من الأصول العملية التي نستطيع أن نستنبط منها الكثير من الأحكام الفرعية مثل تحديد مجالات الملكية ، وسبيل مقاومة الاحتكار ، ووضع ضرائب متصاعدة كل ذلك إذا رأى الفقيه الحكم ضرورة في ذلك.
ولأن مقاومة طغيان الثروة من أعظم إنجازات الحكم الاسلامي ، وأهم مقاصده وأصعب مهامّة فان السياق القرآني أوجب التسليم التام للقيادة الشرعية وقال :
(وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا)
لأنه مفوّض بذلك من قبل الله ، الا عرف بأحكامه في كل شيء ، ولا فرق من حيث الإلزام بين أمر الله وأمر رسوله ، والقيادة الشرعية التي تخلفه ، وفي هذه الآية