لم يرخّص لأحد في شيء من ذلك إلّا للمسافر ، وليس لأحد أن يرخص ما لم يرخصه رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فوافق أمر رسول الله (صلّى الله عليه وآله) امر الله عزّ وجلّ ، ونهيه نهي الله عزّ وجلّ ، ووجب على العباد التسليم له كالتسليم لله تبارك وتعالى (١) لقوله عزّ وجلّ : (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ) (٢).
ويحذر الله الذين يشككون في القيادة الإلهية ، والذين يتخلفون عن طاعتها والتسليم لأمرها ونهيها من عذابه الشديد باعتبارهم من صف المشاقين لله ولرسوله ، المستحقين لجزائهم فيقول :
(وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ)
ونهتدي من الأمر بالتقوى الى كونها الصفة التي ترفع الإنسان إلى مستوى التسليم والطاعة للقيادة ، وأن الطاعة لها امتداد للتقوى في حياة الإنسان ، ودليل عليها ، وليست التقوى هنا الخوف من الله وحسب إنّما هي تلك القمة السامقة من الإيمان والمعرفة بالله ، والوعي بالحق.
وعقاب الله الذي يتوعد به الأمة التي تشاقّ قيادتها ، وتخالف أوامرها ليس عذاب الآخرة وحسب إنما تلقاه في الدنيا أيضا متمثلا في التفرّق ، لأن الطاعة ضمانة الوحدة ، لأن الطاعة للقيادة الإلهية طريق التقدم ، وفي عدم طاعتها تتسلط الطغاة ، ويعم الباطل ، وبتعبير القرآن تنقلب الأمة على أعقابها ، فتبدأ المسيرة التراجعية إلى الوراء بدل التقدم ، وهذا مصير كلّ أمة تخالف قيادتها : (وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ
__________________
(١) المصدر / ص ٢٨٠ ـ ٢٨١
(٢) النساء / ٨٠