لما فعله ، ولكن اليهود الجالسين معه اجتمعوا عليه وقتلوه ، فثار المسلمون جميعا ، وقرر الرسول الأعظم (ص) ان يحاربهم ، فحاصر حصونهم وقراهم ، وأمرهم بالجلاء فما وجدوا بدّا من التسليم لأمره ، ورحلوا عن المدينة «وقال عبد الله ابن أبي : لا تخرجوا فإني آتي النبي فأكلمه فيكم ، أو ادخل معكم الحصن ، فكان هؤلاء أيضا في إرسال عبد الله ابن أبي إليهم ، ثم ترك نصرتهم كأولئك» (١).
هكذا كانت حساسية المسلمين تجاه الظلم وإلى هذا الحد ، بحيث يجهزون الجيوش ، ويجلون قوما بأجمعهم لأنهم هتكوا عرض امرأة مسلمة وحرمتها ، ولا ادري اين هم الآن؟!
[١٦] ويضرب القرآن لنا مثلا عن علاقة المنافقين بالكفار من أهل الكتاب والتي هي علاقتهم مع الآخرين في كل زمان ومكان ، فهم يحرضون الأعداء على المسلمين بأساليبهم الماكرة ما داموا يرتجون مكسبا ، ولكنهم بمجرد أن يجدوا أنفسهم أمام خطر جادّ يتهددهم من قبل المؤمنين أو يشعرون بالهزيمة يتبرءون منهم.
(كَمَثَلِ الشَّيْطانِ إِذْ قالَ لِلْإِنْسانِ اكْفُرْ)
وزين له الأمر حتى كفر ، ووجد نفسه في عذاب الله.
(فَلَمَّا كَفَرَ قالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخافُ اللهَ رَبَّ الْعالَمِينَ)
وكذلك المنافقون حرضوا بني قينقاع وبني النضير حتى تورطوا في حرب مع المسلمين ، فلما انهزموا انسلخوا عنهم ، وتركوهم وحدهم يلقون جزاءهم ، وجاء في النصوص الاسلامية : أن الشيطان ليملي فم الإنسان المخدوع به بالبصاق ، ويبصق في وجهه يوم القيامة إذا عاتبه أو سأله الخلاص.
__________________
(١) مجمع البيان / ج ٩ ص ٢٦٤