لأنّ المهر ليس موضوعا للوطأ الأوّل بل للعلاقة المستمرة الدائمة ، وحيث خسرها بغير إرادته يجب أن يعوّض ، ولعل التعويض منصرف للكافر غير المحارب ، أو في حال الهدنة ، وهذا من صميم العدالة في الإسلام. وفي إيتاء الكفار ما أنفقوا قيمة معنوية هي أن لا تبقى لكافر يد على مؤمن أو مؤمنة.
وتعويض الزوج الكافر يتحمله بيت مال المسلمين ، ولذلك جاء الخطاب موجّها للمؤمنين عامة ، وهو يحلل المرأة المؤمنة من زوجها الكافر فقط ، وليس يجعلها حلّا للمؤمنين إلّا إذا أعطوا لها المهر.
(وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَ)
وكما تحرم المؤمنة على الكافر كذلك تحرم الكافرة على المؤمن ، سواء بالأصالة أو بالردة لما في ذلك من اثار سلبيه على حياة المؤمن وتربية الأولاد ... إلخ.
(وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ)
والفقهاء استفادوا من هذه الآية حكما قاطعا بحرمة الزواج من الكافرة ، أو الاستمرار في الزواج عند إسلام الزوج دون زوجته. وقد طلّق المسلمون زوجاتهم المشركات بعد نزول الآية ، وجاء في التاريخ أنّ عمر بن الخطاب طلّق بعد نزول الآية امرأتين له كانتا في مكة مشركتين ، إحداهما قريبة بنت أبي أمية ، فتزوجها معاوية بن أبي سفيان وهما على شركهما بمكة ، وأم كلثوم بنت عمر الخزاعية (١) ، وهكذا تنفصم العصمة التي كانت بينهما ، لأنّ عصمة الإسلام من عصمة النكاح.
__________________
(١) القرطبي / ج ١٨ ص ٦٥