[١٠] فلما ذا لا يتبع البشر الآيات ويطبقونها إذا كانت تخرجهم من الظلمات الى النور؟ هل الظلمة خير من النور؟! أم العذاب خير من رأفة الله ورحمته؟!
(وَما لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَلِلَّهِ مِيراثُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ)
كل نعمة هي أمانة بيد الإنسان ، روحه وجسده وماله وكل شيء ، ويأتي يوم تسترد هذه الامانة منه لتعود الى مالكها وهو الله ، ليسأل كل واحد عن موقفه منها ، «ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ» (١) ، «وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ» (٢). ولماذا يمسك مال الله وأمانته دون أمره ، أفلا يستحق بعدها الجزاء؟ «وَما ذا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللهُ» (٣)؟!
وكما يختلف الإنفاق في سبيل الله عن الإنفاق لأغراض أخرى ، بأنّ الاوّل مقبول مجزي عليه ، والآخر مردود وربما معاقب بسببه ، فانّ الاوّل يتفاضل على بعضه أيضا ، نظرا لمستوى إيمان صاحبه ، وللظروف والمعطيات المحيطة به ، فالذي ينفق قبل الفتح والانتصار لا شك أنّه أعظم درجة وفضلا ، وذلك لاسباب أهمّها :
١ ـ سبقه الى الحق والعمل الصالح ، ولعلّ الكثير من اللاحقين إنما اهتدوا بسببه ، فهو يصدق عليه حديث الرسول (ص) : «من سنّ سنّة حسنة فله أجرها ، وأجر من عمل بها الى يوم القيامة ، لا ينقصهم من أجرهم شيئا» ، كما أنّه مصداق لقوله تعالى : (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ) (٤).
٢ ـ دوره في إقامة حكومة الله في المجتمع ، وهو لا شك فضل كبير ، والكثير من
__________________
(١) التكاثر / ٨
(٢) الصافات / ٢٤.
(٣) النساء / ٣٩
(٤) الواقعة / ١٠ ـ ١١