الإطار العام
تذكّرنا سورة الجمعة بفضل الله الأكبر المتمثل في رسالات الله والتي سببت إصلاحا شاملا لحياة البشرية ، وبالذات الذين تنزّلت في محيطهم آيات الله ، فبالرسالة طهّر النبي أتباعه من أرجاس الجاهلية وأغلالها ، وعلّمهم الكتاب والحكمة ، ورسم خطا إصلاحيا ممتدا عبر الزمان والمكان ، ولولا الرسول لكان البشر يعود إلى جاهليته الأولى.
لأنّ حملة الرسالة وورثة علمها قد خانوا مسئولياتهم ، يتعرّض السياق إلى الذين لم يتحملوا مسئولية التوراة بعد أن حملوها مشبّها لهم بالحمار الذي يحمل أسفار العلم دون أن ينتفع بها في شيء ، وفي ذلك تحذير من طرف خفي للمسلمين ألّا يصبحوا مصداقا آخر لهذا المثل.
وإذا يذكّر بشيء من واقع الانحراف لدى اليهود ـ الذين من أبرز صفاتهم التشبث بالمادة والحياة الدنيا (وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلى حَياةٍ) (١) ـ يعطينا
__________________
(١) البقرة / ٩٦