الإمام الباقر (عليه السلام) يصف اهتمام الرعيل الأوّل من المسلمين بالجمعة : «والله لقد بلغني أنّ أصحاب النبي (صلّى الله عليه وآله) كانوا يتجهّزون للجمعة يوم الخميس» (١) ، وعن جابر بن عبد الله قال : أقبل عير (جمال محمّلة) ونحن نصلّي مع رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فانفضّ الناس إليها فما بقي غير اثنى عشر رجلا أنا فيهم ، فنزلت الآية : «١١» (٢) ، وقال الحسن أبو مالك : أصاب أهل المدينة جوع وغلاء سعر فقدم دحية بن خليفة بتجارة زيت من الشام ، والنبي (صلّى الله عليه وآله) يخطب يوم الجمعة ، فلمّا رأوه قاموا إليه بالبقيع خشية أن يسبقوا إليه ، فلم يبق مع النبي (صلّى الله عليه وآله) إلّا رهط ، فنزلت الآية ، فقال (صلّى الله عليه وآله) : «والذي نفسي بيده لو أنّه تتابعتم حتى لا يبقى أحد منكم لسال بكم الوادي نارا» (٣).
إلّا أنّ كثيرا من فقهاء الإسلام اعتبروا وجود الحكم الإسلامي والإمام العادل شرطا لإقامة صلاة الجمعة ، ولعلّ ذلك مرتكز على كونها من الشعائر الدينية السياسية التي ينبغي أن لا ينتفع منها الظلمة في تضليل الناس وتمكين أنفسهم ، فهي من أهم وأبرز المناسبات التي يجتمع فيها المسلمون ممّا يسمح للطغاة اتخاذها منبرا جماهيريا لتضليل المجتمع ، ونحن نقرأ في التاريخ كيف أصبحت خطبها مركزا لحرب أولياء الله ، كما فعل ذلك الحزب الأموي تجاه الإمام علي وأهل البيت (عليهم السلام) ، كما ترى اليوم كيف حوّل علماء السوء خطبتي الجمعة بوقا من أبواق الطغاة إلى حدّ صاروا يتسلّمون خطبهم من الحكومات نفسها ، ويستلمون لذلك الأجر.
__________________
(١) المصدر / نقلا عن الكافي
(٢) المصدر
(٣) المصدر