خصال المنافقين ، وجاء في حديث نبوي عن رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ قوله : «أربع من كنّ فيه كان منافقا خالصا ، ومن كانت فيه خصلة منهنّ كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها : إذا ائتمن خان ، وإذا حدّث كذب ، وإذا عاهد غدر ، وإذا خاصم فجر» (١).
فإذا تمحّض أحد في الشر صار كافرا ، وإذا أصرّ على الشر المحض طبع على قلبه (٢) ، وقد طبع على قلوب المنافقين بالكفر والنفاق إلى حدّ لم تبق معه وسيلة حسية ولا عقلية يهتدون بها إلى الإيمان والصلاح أو يفرّقون بها بين الكفر والإسلام.
(فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ)
أي لا يفقهون دلالات الآيات فيهتدون إلى الحق ، ليس لأنّ الله يسلبهم السمع والأبصار والأفئدة فهي موجودة ولكن لا ينتفعون بها ، كما وصفهم الله بقوله : (لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِها وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِها وَلَهُمْ آذانٌ لا يَسْمَعُونَ بِها أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ) (٣).
وإذا تعطّل العقل عند الإنسان ، وفقد الوعي والقدرة على التمييز ، فهل يبقى منه سوى مظهره الخارجي وصورته المادية؟ وما هو الفرق إذن بينه وبين الحيوان أو الجماد؟! ولا عجب أن يشبّه القرآن المنافقين آنئذ بالخشب المسنّدة.
[٤] ويعرض السياق لبيان جانب من الصفات اللصيقة بالشخصية المنافقة ،
__________________
(١) القرطبي / ج ١٨ ص ١٢٢
(٢) وقد وردت في الروايات تحذيرات كثيرة من الاغترار بالإيمان ، قال رسول الله (ص) : «العلماء كلهم هلكى إلّا العاملون ، والعاملون كلهم هلكى إلّا المخلصون ، والمخلصون على خطر عظيم» تنبيه الخواطر / ص ٣٥٨
(٣) الأعراف / ١٧٩