لقوله : (لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذى) ، وان يقصد به وجه الله ولا يرائي بذلك لان الرياء مذموم ، وان يستحقر ما يعطي وان كثر لان متاع الدنيا قليل ، وان يكون من أحب ماله اليه ، لقوله : (لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) ، فهذه الأوصاف العشرة إذا استكملتها الصدقة كان ذلك قرضا حسنا» (١).
[١٢] وجزاء الله وأجره لا ينحصر في الدنيا ، ففي الآخرة يكون الجزاء الأعظم والأعم.
(يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ يَسْعى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ)
لأنهم بعثوا أعمالهم الصالحة قبل ان يرحلوا الى تلك الدار.
(وَبِأَيْمانِهِمْ)
التي ما برحت حتى الرمق الأخير تنفق في سبيل الله حيث تتحول صحيفة أعمالهم التي يحملونها بأيمانهم الى نور وبشرى بالجنة ، والنور هو تجل واقعي للأعمال الصالحة ، والهدى الذي اتبعوه من آيات الرسالة التي تنزلت على الأنبياء ، والامامة الصالحة التي اختاروها وسلموا لها واتبعوا بصائرها ، قال الامام الباقر (ع) : وهو يفسّر الاية : أئمة المؤمنين يوم القيامة تسعى بين يدي المؤمنين وبأيمانهم حتى ينزلوهم منازل أهل الجنة (٢) ، ولا غرابة في ذلك وربنا يصف نبيّه بأنّه نور وسراج منير ويقول : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً* وَداعِياً إِلَى اللهِ بِإِذْنِهِ وَسِراجاً مُنِيراً*) (٣). وهذا النور موجود في الدنيا ، ولكن الإنسان لا يراه بعينه ، انما يراه البصير بقلبه ، وفي الاخرة يكشف الله عنه. ونهتدي من التدبّر في المقطع
__________________
(١) مجمع البيان / ج ٩ ص ٢٣٥
(٢) نور الثقلين / ج ٥ ص ٢٤٠
(٣) الأحزاب / ٤٥ ـ ٤٦