وهما زينة الحياة الدنيا وأجلى صورها ، والمؤمن ينبغي أن يجعل ذكر الله محوره الذي يتحرّك ضمنه دون أن يخرجه عنه شيء. والأموال هنا ليست الدراهم والدنانير والذهبات فقط ، بل كلّ ما يملكه المجتمع من أرض وإمكانية ومصلحة اقتصادية وما أشبه ، وهكذا الأولاد ليسوا الأبناء وحدهم ، إنّما المقصود هنا صلة الإنسان بالمادة وصلته بالآخرين والأموال والأولاد أظهر المصاديق للإثنين. ولعلّ الدعوة إلى عدم التلهّي بالأموال تقابل سياسة المنافقين الاقتصادية ضد الرسالة والرسول (الآية ٧) ، بينما الدعوة إلى عدم التلهّي بالأولاد تقابل سياستهم العنصرية والوطنية التي أرادوا الاعتماد عليها بعد الرجوع إلى المدينة (الآية ٨).
ثم يحذّر القرآن المؤمنين من عواقب السير في ركاب المال والأولاد فيقول :
(وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ)
وليس الإسلام هو الذي يخسر ، وخسارتهم بخسارة معطيات الإنفاق حيث الطهارة والتزكية ، وبالمصير الوبيل في الآخرة حيث العذاب ، والحسرة على التفريط في جنب الله. وهذه الآية تجتثّ جذور النفاق الذي يقوم على أساس المصالح المادية والعنصرية ، إذ تتجلّى بأبهى صورها في علاقة الإنسان بماله الشخصي ، وتتجلّى الثانية بأظهر مصاديقها في علاقته بولده.
[١٠] أمّا الطريق للتخلّص من شحّ النفس فهو بالإنفاق ، وهذا ما تذكر به الآيات وتثيره في أذهانهم ، حيث تضع المؤمنين أمام حقيقة الدنيا أنّها فرصة قصيرة حاسمة ، كما تضعهم في سباق خطر مع الأجل الذي يطوي صفحة الحياة ليلاقي الإنسان بعدئذ مصيره الأبدي فإمّا مع الصالحين في الجنة وإمّا مع أصحاب النار في العذاب.
(وَأَنْفِقُوا مِنْ ما رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ)