رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ ثمّ أقبل على من حضره من قومه فقال : هذا ما فعلتم بأنفسكم ، أحللتموهم بلادكم ، وقاسمتموهم أموالكم ، أما والله لو أمسكتم عن جعال وذويه فضل الطعام لم يركبوا رقابكم ، ولأوشكوا أن يتحوّلوا من بلادكم ، ويلحقوا بعشائرهم ومواليهم ، فقال زيد بن أرقم : أنت والله الذليل القليل المبغض في قومك ، ومحمد ـ صلّى الله عليه وآله ـ في عزّ من الرحمن ، ومودّة من المسلمين ، والله لا أحبّك بعد كلامك هذا ، فقال عبد الله : أسكت فإنما كنت ألعب.
فمشى زيد بن أرقم إلى رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ وذاك بعد فراغه من الغزو فأخبره الخبر ، فأمر رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ بالرحيل ، وأرسل إلى عبد الله فأتاه ، فقال : ما هذا الذي بلغني عنك؟ فقال عبد الله : والذي أنزل عليك الكتاب ما قلت شيئا من ذلك قط ، وإنّ زيدا لكاذب ، وقال من حضر من الأنصار : يا رسول الله شيخنا وكبيرنا لا تصدّق عليه كلام غلام من غلمان الأنصار عسى أن يكون هذا الغلام وهم في حديثه ، فعذره رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ وفشت الملامة من الأنصار لزيد ، ولمّا استقلّ رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ فسار لقيه أسيد بن الخضير فحيّاه بتحية النبوّة ، ثم قال : يا رسول الله لقد رحت في ساعة منكرة ما كنت تروح فيها ، فقال له رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : أوما بلغك ما قال صاحبكم ، زعم أنّه إن رجع إلى المدينة اخرج الأعزّ منها الأذل ، فقال أسيد : فأنت والله يا رسول الله تخرجه إن شئت ، هو والله الذليل وأنت العزيز ، ثم قال : يا رسول الله ارفق به ، فو الله لقد جاء الله بك وإنّ قومه لينظمون له الخرز ليتوّجوه ، وإنّه ليرى أنّك قد استلبته ملكا.
وبلغ عبد الله بن عبد الله بن أبي ما كان من أمر أبيه فأتى رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ فقال : يا رسول الله إنه قد بلغني أنّك تريد قتل أبي فإن