لاجتنابها ونحن في الدنيا ، ولأنّ الآخرة دار الفصل فإنّ الله لا يدع للمنافقين فرصة للاختلاط بالمؤمنين ، بلى. ربما استطاعوا في الدنيا أن يخفوا نواياهم وشخصيّاتهم الحقيقية ، فتعايشوا وسط المجتمع المؤمن متطفّلين ، ينتفعون بظاهر الإيمان من مكتسبات الأمّة ، ويغتنمون الفرص لينزوا على مصالحهم ويحقّقوا أهدافهم ، أمّا في الآخرة فلا يجدون طريقا إلى النفاق.
(فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بابٌ باطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ)
من جهة المؤمنين.
(وَظاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذابُ)
أي ذات الباب فيه عذاب لكي لا يدنوا منه المنافقون ، وربما جعل الله في السور بابا لكي يلج منه التائبون ، والمشفوع لهم بإذن الله ، ومن تطهّر بالنار من النفاق ، فهناك من المنافقين من هو في أسفل درك وهؤلاء يخلدون في العذاب ، وهناك من عندهم نسب محدودة من النفاق يعذّبون بسببها ثم يدخلون الجنة ، وقد قال الله تعالى : (وَيُعَذِّبَ الْمُنافِقِينَ إِنْ شاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً) (١) ، وإنّما يؤكّد الله هذه الحقيقة لتتبيّن لنا رحمته ، ولكي لا ييأس أحد من التوبة بعد التورّط في الخطأ ، ولو كان ذلك أأ في مستوى النفاق.
[١٤] وبعد أن يضرب السور بين الفريقين في الآخرة ينادي المنافقون المؤمنين ، والنداء يختلف عن القول بأنّ القول يعني المخاطبة عن قرب ، أما النداء فهو المخاطبة عن بعد ، أو من وراء حجاب ، وبصورت مرتفع يقصد به المنادي إسماع الطرف الآخر كلامه.
__________________
(١) الأحزاب / ٢٤