ويبدو أنّ «بشراكم» مبتدأ وخبره «جنّات» ، كما لو قلنا : أملك السلطة.
[١٣] أمّا المنافقون الذين لم يتبعوا الآيات البيّنات ، ولم يسلّموا للقيادة الرسالية والإمامة الصالحة ، ولم يعملوا الصالحات كالجهاد والإنفاق ، أو عملوا ذلك لغير الله ، فهم يظلّون في الظلمات والعذاب ، ذلك أنّ هذه العوامل هي التي تخرج الإنسان من الظلمات «لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ» وحيث لم يتمسّكوا بها لم يخرجوا منها ، هكذا يقول لهم المؤمنون.
(يَوْمَ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونا)
أي انتظرونا حتى نستضيء بنوركم.
(نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ)
وهذا لا يمكن ، لأنّ الإنسان هو الذي يرسم مصيره بنفسه ، و «كُلُّ امْرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ» (١) ، فإن عمل الصالحات جنى النور والثواب ، وإنّ عمل السيئات جنى الظلمة والعذاب ، ثمّ أنّ الآخرة ليست محلّا ليستزيد فيها أحد عملا ، إنّما الدنيا هي دار العمل ، وهناك حساب ولا عمل ، لذلك يأتيهم النداء أن عودوا إلى الدنيا.
(قِيلَ ارْجِعُوا وَراءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً)
وهذه الآية لا تخصّ يوم القيامة ، إنّما تنفعنا في الدنيا أيضا ، وذلك بأن نعلم بأنّها الفرصة الوحيدة التي يمكن فيها التغيير والرجوع عن الخطأ بالتوبة والعمل الصالح ، وربّنا ينقل لنا هذه الصورة من القيامة لنتصور واقع الحسرة فنسعى
__________________
(١) الطور / ٢١