ولا يدخل في الصراعات السياسية والاجتماعية التي تضرّ بدينه ، وقد قال الإمام علي (ع) : «لا تقتحموا ما استقبلتم من فور الفتنة ، وأميطوا عن سننها ، وخلّوا قصد السبيل لها» (١) ، وهذا هو حال المؤمن. إنّه يحتاط لدينه ، ويمشي في الأرض كما يمشي المقاتل في حقل الألغام ، أمّا المنافق والكافر الذي يبحث عن المغانم الدنيوية فإنّه يقتحم الفتن ، ويخوض فيها خوضا ، لهثا وراء الدنيا ، كما تبيّن الآية. (٢٠).
(قالُوا بَلى وَلكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ)
أي أدخلتموها في الفتنة بإرادتكم ، بهدف اللهو واللعب والزينة والتفاخر والتكاثر في حطامها وملذّاتها ، وهناك فرق بين من يتعرّض للفتنة عن غير إرادة ثمّ يتبع منهج الإسلام في التعامل معها أو يدخل نفسه ليقاومها ، وبين من يدخل نفسه في الفتن بإرادته لا ليتحدّاها ، إنّما ليكون غرضا لها ، ولتكون الدنيا والهوى غرضه من دخولها. ولعلّ الاغترار بالدنيا أظهر مصاديق فتن النفس ، وفي الكلمة ظلال لمعنى أضللتم ، تشابها مع قول الله لنبيّه : «وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ ما أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكَ» (٢) أي يضلّوك.
المرحلة الثانية : التربّص.
(وَتَرَبَّصْتُمْ)
بتسويف الالتزام بالحق ، وانتظار التغيير في المستقبل ، ذلك أنّ الإنسان مهما توغّل في الانحراف ودخل في الفتن ، فإنّ الله يبيّن له الحق ليقيم عليه الحجة ولو في
__________________
(١) غرر الحكم
(٢) المائدة / ٤٩