أعلى الدنيا»؟! فقال جابر : نعم ، فقال له : «يا جابر ملاذ الدنيا سبعة : المأكول ، والمشروب ، والملبوس ، والمنكوح ، والمركوب ، والمشموم ، والمسموع ، فألذّ المأكولات العسل وهو بصق من ذبابه ، وأحلى المشروبات الماء ، وكفى بإباحته وسباحته على وجه الأرض ، وأعلى الملبوسات الديباج وهو من لعاب دودة ، وأعلى المنكوحات النساء وهو مبال في مبال ، ومثال لمثال وو انما يراد أحسن ما في المرأة لأقبح ما فيها ، وأعلى المركوبات الخيل وهو قواتل ، وأجل المشمومات المسك وهو دم من سرة دابة ، وأجل المسموعات الغناء والترنم وهو إثم ، فما هذه صفته لم يتنفس عليه عاقل».
قال جابر : فو الله ما خطرت الدنيا بعدها على قلبي (١).
ثانيا : الرضى والتسليم بالقضاء الذي يأذن به الله فيقع ، وهو أرفع درجة من الزهد ، بل أرفع درجات الايمان لقول الامام علي بن الحسين (ع) وقد سئل عن الزهد : «الزهد عشرة أجزاء ، فأعلى درجات الزهد أدنى درجات الورع ، وأعلى درجات الورع أدنى درجات اليقين ، وأعلى درجات اليقين ادنى درجات الرضى» (٢) ، ولا يسمو الإنسان اليه الا إذا آمن بأن كل ما يحدث في الوجود بتقدير مسبق من الله (القدر) ، فذلك بدل ان يؤثر فيه سلبا باتجاه الانحراف يؤكد فيه الانتماء الى مسيرة الحق ، والتوحيد المخلص لله بدل الشرك ، (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَراتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ* الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ) (٣) ، لأنهم يعتقدون بهذه الحقيقة :
__________________
(١) بح / ج ٧٨ ص ١١
(٢) بحار الأنوار / ج ٧٨ ص ١٣٦
(٣) البقرة / ١٥٥ ـ ١٥٦