على ما ليس كذلك ؛ لأنه أقوى ، فالأصل في أعطيت زيدا درهما ، واخترت زيدا الرجال تقديم زيد ؛ لأنه آخذ الدرهم ومختار من الرجال ، ويتفرع على ذلك جواز تقديم المفعول الثاني إذا اتصل به ضمير يعود على الأول إما عليه فقط نحو : أعطيت درهمه زيدا ، أو على العامل أيضا نحو : درهمه أعطيت زيدا ؛ لعود الضمير على متقدم في الرتبة وإن تأخر في اللفظ ، فهو نظير ضرب غلامه زيد ، والجواز في الصورتين مذهب أكثر البصريين ، خلافا لهشام في منعه لهما ولبعض البصريين في منعه الأولى دون الثانية.
قال أبو حيان : وبنى منعه على أن المفعولين في رتبة واحدة بعد الفاعل ، فأيهما تقدم فذلك مكانه ، بخلاف ما إذا قدم على الفعل فإن النية به التأخير ، وحينئذ ينوى تقديره بعد المفعول الذي يعود عليه الضمير.
ومما يفرع على الأصل أيضا امتناع أعطيت مالكه الغلام ؛ لعود الضمير على مؤخر لفظا ورتبة ؛ لأن المالك هو الآخذ ، فهو نظير ضرب غلامه زيد ، والكوفيون جوزوا ذلك على تقدير تناول الفعل الغلام أولا ، فالأول عندهم هو الذي يقدر الفعل آخذا له قبل صاحبه.
وقد يخرج عن هذا الأصل فيقال : أعطيت درهما زيدا ، واخترت الرجال زيدا ، بتأخير ما حقه التقديم ، وقد يجب التزام الأصل في نحو : أعطيت زيدا عمرا ؛ لأنه لو قدم لم يدر أزيد آخذ أم مأخوذ ، وقد يجب الخروج عنه في نحو : أعطيت الغلام مالكه ؛ ليعود الضمير على متقدم ، ويؤخر المحصور منهما نحو : ما أعطيت زيدا إلا درهما ، وما أعطيت درهما إلا زيدا.
أوجه حذف ناصب المفعول به جوازا ووجوبا :
(ص) مسألة : يحذف عامله قياسا ؛ لقرينة ، ويجب سماعا في مثل وشبهه لا إن لم يكثر استعماله ، خلافا للزمخشري ك : (الكلاب على البقر) ، (انْتَهُوا خَيْراً) [النساء : ١٧١] ، (أحشفا وسوء كيلة) ، (من أنت زيدا) ، (كل شيء ولا هذا) ، (هذا ولا زعماتك) إن تأتني فأهل الليل وأهل النهار ، ديار الأحباب عذيرك ، وكذا (مرحبا) وأهلا وسهلا خبرا لا دعاء فمن باب المصدر ، وقيل : مصدر مطلقا ، وقيل : يجعل المنصوب مبتدأ أو خبرا ، فيلزم حذف متمه ، والأصح أن منه (سبوحا) و (قدوسا) على النصب.