وأهلت ، قال أبو حيان : وإنما قدره بفعل ؛ لأن الدعاء إنما يكون بالفعل ، فقدره بفعل من لفظ الشيء المدعو به ، فعلى تقدير سيبويه يكون انتصاب (مرحبا) على المصدر لا على المفعول به ، وكذلك (أهلا) قال : وهذا الذي قدره سيبويه إنما هو إذا استعمل دعاء ، أما إذا استعمل خبرا على تقدير صادفت وأصبت فيكون مفعولا به لا مصدرا.
قال : ووهم القواس فنسب لسيبويه أن (مرحبا) مفعول به ، أي : صادفت رحبا لا ضيقا ، وأن مذهب غيره أنه مصدر بدل عن اللفظ بفعله ، ومن العرب من يرفع المنصوب في هذه الأمثلة ونحوها على الابتداء أو الخبر ، فيلزم حذف الجزء الآخر كما لزمه إضمار الناصب نحو : كل شيء ، أي : أم بمعنى قصد ، وديار الأحباب ، أي : تلك ، و (كلاهما وتمرا) ، أي : لي وزدني ، ومن أنت وزيدا ، أي : ذكرك أو كلامك ، وكذا البواقي قال :
٦٤٩ ـ ألا مرحب واديك غير مضيّق
أي : ألا هذا مرحب ، أو لك مرحب ، وأنشد سيبويه :
٦٥٠ ـ وبالسّهب ميمون النّقيبة قوله |
|
لملتمس المعروف : أهل ومرحب |
وأما سبوح قدوس فيقالان بالرفع عند سماع من يذكر الله على إضمار (مذكورك) ، فليسا بمصدرين ، وبالنصب على إضمار ذكرت سبوحا قدوسا ، أي : أهل ذلك فاختلف على هذا الفعل الناصب واجب الإضمار أو جائزه ، فقال الشلوبين وجماعة بالأول ، وآخرون بالثاني.
التحذير :
(ص) ومنه ما نصب تحذيرا إن كان (إيا) ، أو مكررا ، أو متعاطفا ، وإلا فيجوز إظهاره ، وأجازه قوم مع المكرر.
ولا يحذف عاطف بعد (إيا) إلا بنصب المحذوف بإضمار آخر ، أو جره بمن ،
__________________
٦٤٩ ـ البيت من الطويل ، وهو لأبي الأسود الدؤلي في ديوانه ص ١٤١ ، ٢٨٣ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ١٠١ ، والكتاب ١ / ٢٩٦ ، وبلا نسبة في المقتضب ٣ / ٢١٩ ، انظر المعجم المفصل ٢ / ٦١٥.
٦٥٠ ـ البيت من الطويل ، وهو لطفيل الغنوي في ديوانه ص ٣٨ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ١٨٤ ، وشرح المفصل ٢ / ٢٩ ، والكتاب ١ / ٢٩٦ ، وبلا نسبة في المقتضب ٣ / ٢١٩ ، والمنصف ٣ / ٣٧ ، انظر المعجم المفصل ١ / ٥٩.