(ش) لا يستثنى بأداة واحدة دون عطف شيئان ، فلا يقال : أعطيت الناس إلا عمرا الدنانير ، ولا ما أعطيت أحدا درهما إلا عمرا دانقا ، تشبيها بواو (مع) وحرف الجر فإنهما لا يصلان إلا إلى معمول واحد ، وأجازه قوم تشبيها بواو العطف حيث يقال : ضرب زيد عمرا وبشر خالدا ، وقيل : لم يقل أحد بجوازه ، وإنما الخلاف في صحة التركيب ، فقوم قالوا بفساده وأنه لحن ، وقوم قالوا : إنه صحيح لا على الاستثناء ، بل على أن الأول بدل ، والثاني منصوب بفعل مضمر من لفظ الفعل الظاهر والتقدير إلا عمرا أعطيته الدنانير ، وأعطيته دانقا ، وأخذ درهما ، وضرب بعضا ، وقيل : كلاهما بدلان من الاسمين السابقين قبل إلا ، فيبدل من المرفوع مرفوع ، ومن المنصوب منصوب ، وعليه ابن السراج وقد ورد إبدال اسمين في الموجب في قوله :
٨٩٣ ـ فلما قرعنا النّبع بالنّبع بعضه |
|
ببعض ... |
أما تعدد المستثنى مع العطف نحو : قام القوم إلا زيدا وعمرا فجائز اتفاقا.
المستثنى الوارد بعد جمل متعاطفة :
(ص) والوارد بعد جمل متعاطفة للكل ، ولو اختلف العامل في الأصح ، وقيل : إن سبق لغرض ، وقيل : إن عطف بالواو ، وبعد مفردين يصح لكل للثاني فإن تقدم فللأول ، فإن كان أحدهما مرفوعا ولو معنى فله مطلقا.
(ش) قال أبو حيان : هذه المسألة قل من تعرض لها من النحاة ، ولم أر من تكلم عليها منهم سوى ابن مالك في «التسهيل» ، والبهاباذي في شرح «اللمع». قلت : والأمر كما قال ، فإن المسالة بعلم الأصول أليق ، وقد ذكرها أبو حيان نفسه في «الارتشاف» ، فأحببت ألّا أخلي كتابي منها ، فنقول : إذا ورد الاستثناء بعد جمل عطف بعضها على بعض فهل يعود للكل؟ فيه مذاهب :
أحدها : وهو الأصح نعم ، وعليه ابن مالك إلا أن يقوم دليل على إرادة البعض ، قال تعالى : (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ) [النور : ٦] الآية ، فقوله : (إِلَّا الَّذِينَ تابُوا) [النور : ٧] عائد إلى فسقهم وعدم قبول شهادتهم معا إلا في الجلد لما قام عليه من الدليل ، وسواء
__________________
٨٩٣ ـ البيت من الطويل ، وهو للنابغة الجعدي في ديوانه ص ٧١ ، والأشباه والنظائر ٧ / ٢٠٩ ، والخزانة ٣ / ١٧١ ، وبلا نسبة في أساس البلاغة (نبع) ، انظر المعجم المفصل ١ / ٣١٧.