وماض بشرط أن يتقدمها فعل نحو : (وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) [الحجر : ١١] ، قال ابن مالك : ويغني عن تقديم فعل اقتران الماضي بقد كقوله :
٩٠٠ ـ وما المجد إلّا قد تبيّن أنّه |
|
بندى وحلم لا يزال مؤثّلا |
لأنها تقربه من الحال فأشبه المضارع ، والمضارع لا يشترط فيه ذلك لشبهه بالاسم ، والاسم بإلا أولى ؛ لأن المستثنى لا يكون إلا اسما ومؤولا به ، وإنما ساغ وقوع الماضي بتقديم الفعل ؛ لأنه مع النفي يجعل الكلام بمعنى كلما كان كذا كان كذا فكان فيه فعلان ، كما كان مع كلما ، وقال ابن طاهر : أجاز المبرد وقوع الماضي مع (قد) بدون تقدم فعل ، ولم يذكره من تقدم من النحاة ، وفي «البديع» : لو قلت : ما زيد إلا قام لم يجز ، فإن دخلت (قد) أجازها قوم.
الثالثة : الاستثناء في حكم جملة مستأنفة ؛ لأنك إذا قلت : جاء القوم إلا زيدا ، فكأنك قلت : جاء القوم وما منهم زيد ، فمقتضى هذا ألا يعمل ما بعد إلا فيما قبلها ، ولا ما قبلها فيما بعدها ، فلا يقدم معمول تاليها عليها ، فلا يقال : ما زيد إلا أنا ضارب.
وقال الرماني : لا يقال : ما قومك زيدا إلا ضاربون ؛ لأن تقدم الاسم الواقع بعد إلا عليها غير جائز ، فكذا معموله ، لما تقرر من أن المعمول لا يقع إلا حيث يقع العامل ، ولا يؤخر معمول ما قبلها عنها ، فلا يقال : ما ضرب إلا زيد عمرا ، وما ضرب إلا زيدا عمرو ، وما مر إلا زيد بعمرو ، إلا على إضمار عامل يفسره ما قبله ، ويستثنى من هذا القسم المستثنى منه وصفته ، فيجوز تأخيرهما كما تقدم ، نحو : ما قام إلا زيدا أحد ، وما مررت بأحد إلا زيدا خير من عمرو ، وأجاز الكسائي تأخير المعمول مرفوعا كان أو منصوبا أو مجرورا ، واستدل بقوله :
٩٠١ ـ فما زادني إلّا غراما كلامها
وقوله :
٩٠٢ ـ وما كفّ إلا ماجد ضرّ بائس
__________________
٩٠٠ ـ البيت من الطويل ، وهو بلا نسبة في شفاء العليل ص ٥٠٩ ، انظر المعجم المفصل ٢ / ٦٤٧.
٩٠١ ـ تقدم الشاهد برقم (٦٣٣).
٩٠٢ ـ الشطر من الطويل ، تفرد به السيوطي ، ولم يرد في المصادر النحوية الأخرى.