مضمرا ، وهو الذي أميل إليه في أصل الاستثناء أن نصبه بأستثني لازم الإضمار ، وجعلت إلا عوضا عن النطق به.
وإذا عطف على المستثنى بها جاز في المعطوف مراعاة اللفظ فيجر وهو الأجود ، نحو : جاؤوا غير زيد وعمرو ، ويجوز مراعاة المعنى فينصب في نحو : جاؤوا غير زيد وعمرا ، ويرفع في نحو : ما جاء أحد غير زيد وعمرو ، وليس ذلك عطفا على (غير) ، بل على المجرور ؛ لأن أصله النصب أو الإتباع ، كذا قالوه ، وهو يؤيد ما اخترته من أن (غير) قائمة مقام مضافها في الإعراب ، ووجهوا منع عطفه على (غير) نفسها بأنه يلزم فيه التشريك في العامل فيستحيل المعنى.
قال أبو حيان : وما ذكروه في العطف يقتضي جريانه في سائر التوابع من نعت وبيان وتأكيد وبدل ، نحو : ما جاءني غير زيد نفسه أو العاقل أو أبي حفص أو أخيك ، فالقياس أن يجوز في الجميع الجر والرفع ، ولم ينصبوا إلا على العطف ، إلا أن في لفظ ابن عصفور ما يقتضي العموم حيث عبر بالتابع ، فقال : ويجوز في تابعه الحمل على المعنى ، قال : وقد صرح صاحب «البسيط» بجريان ذلك أيضا في (غير) ، إذا كانت صفة إلا أنه فيها من الحمل على المعنى وفي الاستثناء من الحمل على الموضع فهو في الاستثناء أقوى وذكره سيبويه أيضا ، وقال قوم : إنه خاص بالاستثناء ولا يكون في الصفة ، والظاهر الأول ، قال : ويجوز وجه آخر وهو القطع على الابتداء.
وأما المعطوف على المستثنى بإلا فلا يجوز فيه إلا مشاركته في الإعراب ، وأجاز قوم منهم ابن خروف العطف عليه بالجر نحو : قاموا إلا زيدا وعمرو ، على أن إلا في معنى غير ؛ لأن مكانهما واحد ، وأنشدوا عليه :
٩٠٣ ـ وما هاج هذا الشّوق إلّا حمامة |
|
تغنّت على خضراء سمر قيودها |
يروى برفع لفظ (سمر) على لفظ (حمامة) ، وبالجر على معنى غير حمامة ، قال أبو حيان : وفي هذا دليل على إجراء النعت مجرى العطف ، وأنها لا تتقيد به ، والمانعون حملوا الجر على الجوار ، وإذا كانت (غير) استثناء ففي العطف بعدها ب : (لا) خلاف،
__________________
٩٠٣ ـ البيت من الطويل ، وهو لعلي بن عميرة الجرمي في السمط ص ١٩ ، وبلا نسبة في أمالي القالي ١ / ٥ ، انظر المعجم المفصل ١ / ٢٢٧.