فذهب أبو عبيدة والأخفش وابن السراج والزجاج والفارسي والرماني إلى جواز ذلك ، فيقال : جاؤوا غير زيد ولا عمرو إما على تقدير زيادة (لا) ، وإما على الحمل على المعنى ؛ لأن الاستثناء في معنى النفي فإن قولك : جاء القوم إلا زيدا في معنى جاء القوم لا زيد ، وهو هنا أولى ؛ لأن (غير) في أصلها تعطي النفي ، وذهب الفراء وثعلب إلى المنع كما في إلا إذ لا يقال : جاؤوا إلا زيدا ولا عمرا.
ويجوز حذف ما بعد (إلا) وبعد (غير) ، وذلك بعد (ليس) خاصة يقال : جاءني زيد ليس إلا أو ليس غير ، أي : ليس الجائي إلا هو أو غيره ، وقبضت عشرة ليس إلا وليس غير ، أي : ليس المقبوض غير ذلك ، أو ليس غير ذلك مقبوضا.
قال أبو حيان : وليس هذا باستثناء من الأول ؛ لأنه يكون تابعا لما ليس مبعضا ؛ ولأن ما بعد ليس هو الأول كيف كان ، واختلف هل يجوز الحذف مع (لم يكن)؟ فأجازه الأخفش وابن مالك نحو : لم يكن غير ، ومنعه السيرافي ؛ لأن الأصل في باب كان ألا يجوز فيها حذف الاسم ولا الخبر ، ومجيء ليس إلا ، وليس غير على خلاف الأصل.
بيد :
(ص) ويستثنى ب : (بيد) منقطعا لازم النصب ، والإضافة إلى (أن) وصلتها غالبا ، وهي بمعنى (غير) ، وقيل : على ، وقيل : من أجل ، ويقال : ميد ، وجعلها ابن مالك حرفا.
(ش) من أدوات الاستثناء (بيد) ، ويقال : ميد بإبدال بائها ميما وهو اسم ملازم الإضافة إلى (أن) وصلتها نحو : (نحو الآخرون السابقون بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا) ، ومعناها معنى (غير) في المشهور إلا أنها لا تقع مرفوعة ولا مجرورة ، بل منصوبة ، ولا تقع صفة ولا استثناء متصلا ، وإنما يستثنى بها في الانقطاع خاصة ، قال في «الصحاح» : (بيد بمعنى غير ، يقال : إنه كثير المال بيد أنه بخيل) ، وفي «المحكم» أن هذا المثال حكاه ابن السكيت ، وأن بعضهم فسرها بمعنى (على) ، وقيل : هي بمعنى من أجل ، وخرج عليه حديث : «أنا أفصح من نطق بالضاد ، بيد أني من قريش» (١) ، وقال ابن مالك وغيره : إنها فيه بمعنى (غير) على حد :
__________________
(١) قال الملا علي القاري في المصنوع ص ٦٠ (٤٠) : قال السيوطي : لا يعلم من أخرجه ولا إسناده.