وجوبا هو مذهب البصريين ، واستدلوا بثبات كونها جارة للاسم بدليل حذف (ما) الاستفهامية بعدها نحو :
١٠١٣ ـ فحتّام حتّام العناء المطوّل
وإذا ثبت ذلك انتفى كونها ناصبة للفعل لما تقرر من أن عوامل الأسماء لا تكون عوامل في الأفعال ؛ لأن ذلك ينفي الاختصاص ، واختلف الكوفيون فذهب الفراء إلى أنها ناصبة بنفسها وليست الجارة ، وعنده أن الجر بعدها إنما هو لنيابتها مناب إلى ، وذهب الكسائي إلى أنها ناصبة بنفسها أيضا ، وأنها جارة بإضمار إلى وهذا عكس مذهب البصريين ، ثم إنه جوز إظهار (إلى) بعدها ، فقال : الجر بعد حتى يكون بإلى مظهرة ومضمرة ، وذهب بعض الكوفيين إلى أنها ناصبة بنفسها ك : أن ، أو جارة بنفسها أيضا تشبيها بإلى ، ومع قول الكوفيين : إنها ناصبة بنفسها أجازوا إظهار أن بعدها ، قالوا : لو قلت : لأسيرن حتى أن أصبح القادسية جاز ، وكان النصب بحتى وأن توكيد كما أجازوا ذلك في لام الجحود ، وعلى قول البصريين لا تظهر وقد تظهر في المعطوف على منصوبها ؛ لأن الثواني تحتمل ما لا تحتمله الأوائل كقوله :
١٠١٤ ـ حتّى تكون عزيزا من نفوسهم |
|
أو أن تبين جميعا وهو مختار |
وفيه دليل لقولهم : إن (أن) مضمرة بعدها ، وحتى هذه هي المرادفة لكي الجارة أو إلى ، بخلاف الابتدائية التي لا ترادف واحدا منهما ، فالمرادفة ل : (كي) نحو : أسلمت حتى أدخل الجنة ، فهي هنا حرف تعليل ، والمرادفة لإلى نحو : (قالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنا مُوسى) [طه : ٩١] فهي هنا حرف غاية ، قال أبو حيان : والذي ذكره معظم النحويين في معنى حتى هذه أنها تكون للتعليل أو الغاية فهي تنصب عندهم على أحد هذين المعنيين ، وزاد ابن مالك أن تكون مرادفة ل : (إلا أن) فتكون للاستثناء وأنشد عليه :
__________________
١٠١٣ ـ البيت من الطويل ، وهو للكميت في شرح شواهد المغني ٢ / ٧٠٩ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٥٧١ ، والمقاصد النحوية ٤ / ١١١ ، وليس في ديوانه ، وبلا نسبة في شرح الأشموني ٢ / ٤٠٩ ، ولسان العرب ١٢ / ٥٦٣ ، مادة (لوم) ، ومغني اللبيب ١ / ٢٩٨ ، انظر المعجم المفصل ٢ / ٧٢٠.
١٠١٤ ـ البيت من البسيط ، وهو ليزيد بن حمار (أو حمّان) السكوني في شرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص ٣٠١ ، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٢ / ٤٣٨ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٩٦٥ ، ومغني اللبيب ٢ / ٦٩٢ ، انظر المعجم المفصل ١ / ٣٣٧.