المتأخرون ، وأنكرهما جماعة وقالوا في أمثلة الأول : الباء للسببية ، وأولوا أمثلة الثاني بأن (يشرب) و (شربن) و (شرب) ضمن معنى يروى ونحوه ، وقيل : المعنى يشرب بها الخمر كما تقول : شربت الماء بالعسل ، قال بعضهم : ولو كانت الباء للتبعيض لصح زيد بالقوم تريد من القوم وقبضت بالدراهم ، أي : من الدراهم.
(قال ابن مالك) في «التسهيل» : (والتعليل) قال في شرحه : وهي التي يحسن موضعها اللام غالبا نحو : (فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا) [النساء : ١٦٠] ، (إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ) [القصص : ٢٠].
قال : واحترزت بقولي : «غالبا» من قول العرب : غضبت لفلان إذا غضبت من أجله وهو حي ، وغضبت به إذا غضبت من أجله وهو ميت ، قال أبو حيان : ولم يذكر أصحابنا هذا المعنى ، وكأن التعليل والسبب عندهم شيء واحد ، قال : ويدل لذلك أن المعنى الذي سمى به باء السبب موجود في باب التعليل ؛ لأنه يصلح أن ينسب الفعل لما دخلت عليه باء التعليل كما يصح ذلك في باء السبب فتقول : ظلم أنفسكم اتخاذكم العجل ، وأما (يَأْتَمِرُونَ بِكَ) [القصص : ٢٠] فالباء فيه ظرفية ، أي : يأتمرون فيك ، أي : يتشاورون في أمرك لأجل القتل انتهى. وهذا هو الحق.
قال أيضا : (والمقابلة) قال : وهي الداخلة على الأعواض والأثمان ، قال : وقد تسمى باء العوض نحو : اشتريت الفرس بألف ، وكافأت الإحسان بضعف ، والظاهر أنها داخلة في باء البدل ، (و) قال (الكوفية : وبمعنى على) أي : الاستعلاء ، وجزم به ابن مالك نحو : (إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطارٍ) [آل عمران : ٧٥] ، أي : عليه ، بدليل (إِلَّا كَما أَمِنْتُكُمْ عَلى أَخِيهِ) [يوسف : ٦٤] ، (وَإِذا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغامَزُونَ) [المطففين : ٣٠] ، أي : عليهم بدليل (وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ) [الصافات : ١٣٧].
١٠٥٢ ـ أربّ يبول الثّعلبان برأسه |
|
لقد ذلّ من بالت عليه الثّعالب |
قالوا : (و) بمعنى (عن ، وفي اختصاصها بالسؤال خلاف) فقيل : تختص به ، وظاهر
__________________
١٠٥٢ ـ البيت من الطويل ، وهو للعباس بن مرداس في ملحق ديوانه ص ١٥١ ، وللعباس أو لغاوي بن ظالم السّلمي ، أو لأبي ذر الغفاري في لسان العرب ١ / ٢٣٧ ، مادة (ثعلب) ، ولراشد بن عبد ربه في شرح شواهد المغني ص ٣١٧ ، وبلا نسبة في أدب الكاتب ص ١٠٣ ، ٢٩٠ ، وجمهرة اللغة ص ١١٨١ ، ومغني اللبيب ص ١٠٥ ، انظر المعجم المفصل ١ / ٧٢.