الرابع : أنها لا تجر إلا (ظاهرا ، خلافا للمبرد والكوفية) في تجويزهم جرها المضمر ، مستدلين بنحو قوله :
١٠٥٩ ـ فلا والله لا يلقى أناس |
|
فتى حتّاك يا ابن أبي زياد |
والجمهور قالوا : إنه ضرورة ، قال أبو حيان : ومن أجاز جرها المضمر أدخلها على المضمرات المجرورة كلها ، قال : ولا ينبغي القياس على (حتاك) في هذا البيت ، فيقال ذلك في سائر الضمائر ، قال : وانتهاء الغاية في (حتاك) هنا لا أفهمه ، ولا أدري ما يعني هنا بحتاك فلعل هذا البيت مصنوع انتهى.
ومثل ابن هشام في «المغني» بقوله :
١٠٦٠ ـ أتت حتّاك تقصد كلّ فجّ |
|
ترجّي منك أنها لا تخيب |
قال : واختلف في علة المنع فقيل : هي أن مجرورها لا يكون إلا بعضا لما قبلها أو كبعض منه ، فلم يمكن عود ضمير البعض على الكل ، قال : ويرده أنه قد يكون ضميرا حاضرا كما في البيت فلا يعود على ما تقدم ، وأنه قد يكون ضميرا غائبا عائدا على ما تقدم غير الكل ، كقولك : زيد ضربت القوم حتاه ، وقيل : العلة خشية التباسها بالعاطفة فإنها تدخل عليه على الأصح ، قال : ويرده أنها لو دخلت عليه لقيل في العاطفة : قاموا حتى أنت ، وأكرمتهم حتى إياك بالفصل ؛ لأن الضمير لا يتصل إلا بعامله ، وفي الخافضة حتاك بالوصل كما في البيت ، وحينئذ فلا التباس ، وقيل : العلة أنها لو دخلت عليه قلبت ألفها ياء كما في إليّ ، وهي فرع عن (إلى) فلا تحتمل ذلك وإلا ساوى الفرع الأصل.
قال شيخنا الإمام الشمني : والجواب بعد تسليم بطلان هذا اللازم أن فرعية حتى عن إلى إنما هي في المعنى والعمل ، وذلك يوجب ألا يحتمل ما يحتمله إلى فيهما لا في غيرهما ، وقال الشاطبي : قال سيبويه : استغنوا عن الإضمار في (حتى) بقولهم : حتى ذاك ، وبالإضمار في (إلى) ؛ لأن المعنى واحد كما استغنوا ب : (ترك) عن (وذر) و (ودع).
__________________
١٠٥٩ ـ البيت من الوافر ، وهو بلا نسبة في الجنى الداني ص ٥٤٤ ، وجواهر الأدب ص ٤٠٨ ، وخزانة الأدب ٩ / ٤٧٤ ، ٤٧٥ ، ورصف المباني ص ١٨٥ ، وشرح الأشموني ٢ / ٢٨٦ ، وشرح ابن عقيل ص ٣٥٥ ، والمقاصد النحوية ٣ / ٢٦٥ ، والمقرب ١ / ١٩٤ ، انظر المعجم المفصل ١ / ٢٤٦.
١٠٦٠ ـ البيت من الوافر ، وهو بلا نسبة في شرح الأشموني ٢ / ٢٨٧ ، ٢ / ٢١٠ ، وشرح التصريح ٢ / ٣ ، وشرح شواهد المغني ص ٣٧٠ ، ومغني اللبيب ص ١٢٣ ، انظر المعجم المفصل ١ / ٨٧.