ولو كانت لا تحتمل التأويل لكانت من الشذوذ والندور والبعد من الأصول بحيث لا يقاس عليها ولا يلتفت إليها ، قال : وقد نص سيبويه على أن (عن) و (على) لا يزادان لا عوضا ولا غير عوض.
حتى
(حتى كإلى) في انتهاء الغاية ، لكن (إلى) أمكن منها ، ولذلك خالفتها في أشياء:
الأول : أنها (تفيد تقضّي الفعل شيئا فشيئا) ، ولذا لا يجوز كتبت حتى زيد وأنا حتى عمرو ، ويجوز كتبت إلى زيد وأنا إلى عمرو ، أي : هو غايتي كما في حديث مسلم : «أنا بك وإليك» (١).
(و) الثاني : أنها (لا تقبل الابتداء) لضعفها في الغاية ، فلا يقال : سرت من البصرة حتى الكوفة ، كما يقال : إلى الكوفة.
(و) الثالث أنها (لا تجر إلا آخرا) أي : آخر جزء نحو : أكلت السمكة حتى رأسها ، (قال الأكثر : أو ملاقيا له) أي : متصلا به نحو : (سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ) [القدر : ٥] ، ولا يجوز سرت حتى نصف الليل ، بخلاف (إلى) ، ومقابل الأكثر قول السيرافي وجماعة : إنها لا تجر إلا الآخر فقط دون المتصل به.
قال الرضي : وهو مردود بالآية ، (خلافا لابن مالك) ؛ إذ قال في «التسهيل» وشرحه : والتزم الزمخشري كون مجرورها آخر جزء أو ملاقي آخر جزء ، وهو غير لازم بدليل قوله :
١٠٥٨ ـ عيّنت ليلة فما زلت حتى |
|
نصفها راجيا فعدت يؤوسا |
قال أبو حيان : وما نقله الزمخشري هو قول أصحابنا ، وما استدل به لا حجة فيه ؛ لأنه لم يتقدم العامل فيها حتى ما يكون ما بعدها جزءا له في الجملة المغياة بحتى ، فليس البيت نظير ما مثل به أصحابنا ، ولو صرح فقال : ما زلت راجيا وصلها تلك الليلة حتى نصفها كان ذلك حجة على الزمخشري ، ونحن نقول : إذا لم يتقدم في الجملة المغياة بحتى ما يصح أن يكون ما بعدها آخر جزء ، جاز أن تدخل على ما ليس به ولا ملاقيا له ، وكذا قال ابن هشام في «المغني» ، على أن ابن مالك جزم باشتراط ذلك في «الكافية».
__________________
١٠٥٨ ـ البيت من الخفيف ، وهو بلا نسبة في الجنى الداني ص ٥٤٤ ، وشرح التصريح ٢ / ١٧ ، وشرح شواهد المغني ١ / ٣٧٠ ، ومغني اللبيب ١ / ١٢٣ ، والمقاصد النحوية ٣ / ٢٧٦ ، انظر المعجم المفصل ١ / ٤٦١.