وأجاز الفراء الحذف في سعة الكلام ؛ لكثرة ما ورد من ذلك ومنه : (ذلِكَ ما كُنَّا نَبْغِ) [الكهف : ٦٤] ، قال أبو حيان : ولا خلاف أن المقصور لا تحذف ألفه إلا في ضرورة كقوله :
١٧٩٢ ـ رهط مرجوم ورهط ابن المعل
يريد ابن المعلى ، وأما ألف ضمير الغائبة فذكر ابن مالك أنه قد يحذف منقولا فتحه اختيارا كقوله : (والكرامة ذات أكرمكم الله به) ، يريد بها ، فحذف الألف وسكن الهاء ونقل حركتها إلى الياء ولذلك فتحها ، قال أبو حيان : وظاهر كلامه قياس ذلك ؛ لأنه قال :اختيارا ، فعلى ما ذكر يجوز أن يقف على منها وعنها وفيها منه وعنه وفيه.
قال : وإنما روي منه فيما علمناه هذا الحرف الواحد على جهة الندور لبعض العرب ، وينبغي في إثبات ذلك إلى كثرة توجب القياس ، قال : وكل مبني آخره ألف نحو : (ها) و (هنا) يجوز فيه ثلاثة أوجه : إبقاؤها ألفا كما في الوصل ، وإبدالها همزة ، وإلحاق هاء السكت بعدها ، سمع : (هو أحرى بهأ) بالهمزة ، وأما قلب الألف هاء كقوله :
١٧٩٣ ـ من ها هنا ومن هنه
فشاذ إلا في الاسم المندوب فإنه يتعين فيه الوجه الثالث وهو إلحاق الهاء نحو : يا زيداه ، ولا يوقف عليه بالألف فقط ولا تبدل ألفه همزة ، ولحوق هذه الهاء خاص بالمبني فلا يقال : موساه ولا عيساه حذرا من التباسه بالمضاف إليه ، وربما قلبت الألف الموقوف عليها همزة أو ياء أو واوا نحو : هذه أفعأ أو أفعي أو أفعو في هذه أفعى ، وهذه عصأ أو عصي أو عصو في عصا الأولى والأخيرة لغة بعض طيئ ، والثانية لغة فزارة.
ونص سيبويه على أن هذه اللغات الثلاث في كل ألف في آخر اسم سواء كانت أصلية أو غير أصلية ، وحكى الخليل أن بعضهم يقول : رأيت رجلأ فيهمز ؛ لأنها ألف في آخر الاسم ، واختلف في الوقف على إذن فمذهب أبي علي والجمهور إبدال نونها في الوقف ألفا ، وذهبت طائفة إلى أنه يوقف عليها بالنون.
قال أبو حيان : وأما عن ولن وأن ونحوها فإنها يوقف عليها بالنون إذا اضطر إلى ذلك ؛ لأنها حروف لا يحسن الوقف عليها ، بخلاف إذن فإنه يحسن الوقف عليها والفصل،
__________________
١٧٩٢ ـ تقدم الشاهد برقم (١٧٤٠).
١٧٩٣ ـ تقدم الشاهد برقم (٢١٥) ، (١٧٢٢).