وظلن ومست ومسن ، قال سيبويه : هذا باب ما شذ من المضاعف ، وذلك قولهم : أحست يريدون أحسست وأحسن يريدون أحسسن ، ومثل ذلك (ظلت) و (مست) حذفوا وألقوا الحركة على الفاء ، كما قالوا : خفت وليس هذا الحذف إلا شاذا ، والأصل في هذا عربي كثير ، وذلك قولك : أحسست وظللت ومسست ، ولا نعلم شيئا من المضاعف شذ إلا هذه الأحرف ا ه.
وقال أبو حيان : وقد نص سيبويه في عدة مواضع على شذوذ هذا الحذف ، وقد اختلف أصحابنا في هذا ، فذهب أبو علي الشلوبين إلى أن ذلك مطرد في مثال هذه الأفعال كأحب وانهم وانحط ، وذهب ابن عصفور وابن الضائع إلى أن ذلك لا يطرد ، ثم المحذوف من هذه الأفعال الثلاثة العين وبه جزم ابن مالك وغيره ، ويجوز في الأخيرين أعني ظل ومس كسر أولهما بإلقاء حركة العين عليه وإبقاء فتحه ، وقل وقوع هذا الحذف في الأمر والمضارع ، ومنه : (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَ) [الأحزاب : ٣٣] ، والأصل اقررن ، وسمع الفراء : ينحطن في ينحططن ، وبعض العرب يحذف إحدى يائي يستحي [البقرة : ٢٦] ، إما اللام أو العين ، وهي لغة تميم ، وبها قرأ ابن محيصن ، ورويت عن ابن كثير ، ويستحيي لغة الحجازيين وسائر العرب ، وفروعه سائر الصيغ من الماضي والأمر والمثنى والجمع والمؤنث والوصف ، فيقول التميميون : استحى استح يستحيان يستحون يستحين مستح مستحى منه ، ويقول غيرهم : استحيا استحي يستحييان يستحيون يستحيين مستحي مستحيى منه.
وكثر الحذف في أبالي إذا جزم ، فقالوا : لم أبل ، والأصل لم أبال ؛ لكثرة استعمالهم إياه توهموا أن اللام هي الأخيرة فسكنوها للجازم فحذفت الألف لالتقاء الساكنين ، وكثر حذف اللام في الأسماء إذا كانت واوا (كأب) و (أخ) و (حم) و (هن) و (ذي) على مذهب الخليل ، وابن واسم على مذهب البصريين ، والأصل عندهم سمو ؛ لأنه من السمو حذفت لامه وعوض عنها همز الوصل ، والكوفيون يقولون : أصله وسم من السمة حذفت فاؤه ، ورد بأن جمعه أسماء وتصغيره سمي ، ولو كان كما قالوا لكان أوساما ووسيما ؛ لأن التصغير والتكسير يردان الأشياء إلى أصولها ، وقل حذف اللام إذا كانت ياء كلام (يد) و (دم) أو هاء كلام (شفة) وعضة وفم وشاة ، وأقل منه حذفها إذا كانت همزة كقولهم : قوم براء والأصل برءاء على وزن ظرفاء ، أو نونا كدد وفل ، والأصل ددن وفلان ، وأقل من ذلك حذفها إذا كانت حاء كحر أصله حرح ، قال أبو حيان : ولا أحفظ من حذف الحاء