مخارج الحروف
والمخارج ستة عشر مخرجا عند الخليل وسيبويه والأكثرين ، وذهب الجرمي وقطرب والفراء وابن دريد وابن كيسان على خلاف عنه إلى أنها أربعة عشرة مخرجا ، وموضع الخلاف بينهم مخرج اللام والنون والراء فهو عند هؤلاء مخرج واحد ، وعند الخليل ومن وافقه ثلاثة مخارج ، وعلى القولين فذلك على سبيل التقريب ، وإلا فالتحقيق أن لكل حرف مخرجا على حدة ، وعبارة المتن في بيان المخارج بينة ولا يحتاج إلى إعادتها في الشرح ، فلنقتصر على ما يحتاج إلى التنبيه عليه.
قولي : «وقيل : الهمزة أول» أي : والألف والهاء بعدها كلاهما في رتبة ، وليست واحدة أسبق من الأخرى ، وبهذا يفارق القول الأول وهذا رأي الأخفش ، والمراد بالأول رتبة الأدخل في الصدر ، والذي رجحه أبو حيان أن رتبة العين بعد الحاء ورتبة الغين قبل الخاء ، قال : والحاء مما انفردت بها العرب في كلامها ، ولا توجد في كلام غيرها ، والعين مما انفردت بكثرة استعمالها فإنها قليلة في كلام بعض الأمم ، ومفقودة في كلام كثير منهم ، قال : والضاد أصعب الحروف في النطق ، ومن الحروف التي انفردت العرب بكثرة استعمالها وهي قليلة في لغة بعض العجم ، ومفقودة في لغة الكثير منهم ، قال : والضاد لا يخرج من موضعها غيرها من الحروف عندهم ، وذهب الخليل إلى أن الضاد شجرية من مخرج الجيم والشين فعلى هذا يشركها غيرها فيه ، ومعنى شجرية خارجة من شجر الحنك وهو ما يقابل طرف اللسان ، وقال الخليل : الشجر مفرج الفم ، أي : منفتحه ، وقال غيره : وهو مجتمع اللحين عند العنفقة.
وعلى رأي الأولين قال أبو حيان : خروج الضاد من الجانب الأيسر عند الأكثر ، والأيمن عند الأقل ، ويحكى عن عمر بن الخطاب رضياللهعنه أنه كان يخرجها من الجانبين معا ، وقال الصيمري : بعض الناس يخرجها من اليسرى ، وبعض الناس يسهل عليه إخراجها من الجهتين معا ، وكلام سيبويه أيضا يدل على أن الضاد تكون من الجانبين ، وقد ذهب بعض من لا ضبط له ولا معرفة إلى أن الجهة اليمنى تختص بها.
وقال أبو علي بن أبي الأحوص : يتأتى إخراج اللام من كلتا حافتي اللسان اليمنى واليسرى إلا أن إخراجها من حافته اليمنى أمكن بخلاف الضاد ، فإنها من اليسرى أمكن ، وقال سيبويه : الراء أدخل من النون في ظهر اللسان قليلا ؛ لانحرافه إلى اللام ، وقال محمد القيرواني صاحب «الرعاية» : اختلاف مخرج اللام والراء والنون كاختلاف المخرج الذي