أحدها : إذا وقعت بين الواو أو ألفاء وبين همزة هي فاء نحو : (فأت) (وأت) ، وعليه كتبوا : (وَأْمُرْ أَهْلَكَ) [طه : ١٣٢] ، والسبب في الحذف أنها لو أثبتت لكان جمعا بين ألفين ، صورة همزة الوصل ، وصورة الهمزة التي هي فاء الكلمة ، مع كون الواو والفاء شديدي الاتصال بما بعدهما لا يوقف عليهما دونه وهم لم يجمعوا بين ألفين في سائر هجائهم إلا على خلاف في المتطرفة ؛ لأن الأطراف محل التغييرات والزيادة ، فلو لم يتقدمها شيء أصلا أثبتت كقولك في الابتداء : (ائذن لي) (اؤتمن فلان) ، وكذا لو تقدمها غير الواو والفاء نحو : (ثُمَّ ائْتُوا) [طه : ٦٤] ، (الَّذِي اؤْتُمِنَ) [البقرة : ٢٨٣] ، (مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي) [التوبة : ٤٩] ، أو تقدمها الواو والفاء وليست فاء الكلمة همزة نحو : واضرب فاضرب.
الثاني : إذا وقعت بعد همزة الاستفهام سواء كانت همزة الوصل مكسورة أو مضمومة نحو : (أسمك زيد أم عمرو) ، و (أصطفي زيد أم عمرو) ، فإن كانت مفتوحة نحو : (أَصْطَفَى الْبَناتِ) [الصافات : ١٥٣] ، (آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ) [الأنعام : ١٤٣] فكلام ابن مالك يقتضي الحذف أيضا ، قال أبو حيان : وهو شيء ذهب إليه أحمد بن يحيى ، قال : والذي عليه أصحابنا أنه يكتب بألفين إحداهما ألف الوصل والأخرى ألف الاستفهام ، قال أحمد بن يحيى : العرب تكتفي بألف الاستفهام عن ألف الوصل في الألف واللام من الخط ، وأما اللفظ فعلى التطويل وإثباتها مثل (آلذَّكَرَيْنِ) [الأنعام : ١٤٣] ، (آللهُ) [يونس : ٥٩] ، وكأنهم اكتفوا بصورة عن صورة ؛ لأن صورة ألف الاستفهام كصورة الألف بعدها ولم يحذفوا في اللفظ لئلا يشتبه الخبر بالاستفهام انتهى.
ألف القطع
أما ألف القطع إذا وقعت بعد همزة الاستفهام فإنها لا تحذف ، بل تصور بمجانس حركتها ؛ لأنها حينئذ تسهل على نحوه فتكتب ألفا في نحو : (أأسجد) ، وياء في (أئنك) ، وواوا في (أؤنزل) ، وجوز الكسائي وثعلب الحذف في المفتوحة فتكتب أسجد بألف واحدة ، غير أن الكسائي قال : المحذوف ألف الاستفهام ، وثعلب قال : المحذوفة الثانية ، وجوز ابن مالك كتابة المكسورة والمضمومة بألف نحو : أإنك أأنزل.
الثالث : من لام التعريف إذا وقعت بعد لام الابتداء ، أو لام الجر نحو : (وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ) [الأنعام : ٣٢] ، (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا) [يونس : ٢٦] ، وكان قياسها الإثبات كما كتبوها في لابنك قائم ، ولابنك مال ، وسبب حذفها خوف التباسها بلا النافية.