وزعم الفراء أن سببه اجتماع ثلاثة أشكال متشابهات في الخط ؛ لأن اللام مثل الألف ، واجتماع الأمثال يستثقل لفظا فكذلك خطا ، وزعم بعضهم أن سببه في لام الجر شدة اتصالها بما بعدها فكأنهما كلمة واحدة ، وهمزة الوصل لا تكون حشوا ، وزعم بعضهم أن الألف لا تحذف مع لام الابتداء فرقا بينها وبين لام الجر ، ولو وقع بعد اللام ألف وصل بعدها لام من نفس الكلمة كتبت الألف على الأصل نحو : جئت لالتقاء زيد ، فإن أدخلت الألف واللام وأدخلت لام الجر حذفت همزة الوصل فكتبت للالتقاء.
الرابع من أول بسم الله الرحمن الرحيم ، وكان القياس أن يكتب (باسم) بالألف كما يكتب بابن ، لكن حذفوها ؛ لكثرة الاستعمال ، ولا تحذف في غير البسملة من أنواع التسمية نحو : باسم الله بدون الرحمن الرحيم ، و (بِاسْمِ رَبِّكَ) [العلق : ١] ، وزعم بعضهم أنها لم تحذف في البسملة أيضا ، وإنما كتبت على لغة من يقول : سم الله ، والأصل بسم الله ، ثم خفف على حد قولهم في إبل : بل ، والتزم التخفيف.
قال أبو حيان : والأحسن جعل اللفظ على اللغة الفصيحة إذ لو كان حذف الألف لتلك اللغة لجاز إسقاط الألف في جميع المواضع ، وليس كذلك.
وزعم الأخفش أن سبب حذفها كون الباء لا يوقف عليها فكأنها والاسم شيء واحد ، وجوز الفراء حذفها من (بِسْمِ اللهِ مَجْراها وَمُرْساها) [هود : ٤١] ، وباسم الله بدون الرحمن الرحيم ؛ لأنهما كانا معها فحذفا للاستعمال ، وجوز بعضهم حذفها من (بسم الله) إذا لم ينو معها الرحمن الرحيم بشرط ألا تكون الإضافة إلى الله ، وألا يكون للباء تعلق به في اللفظ ، وألا يكون قبلها كلام ، فإن فقد شرط مما ذكر لم يجز الحذف نحو : (باسم ربك ، تبركت باسم الله ، أبدأ باسم الله) ، وجوز الكسائي حذفها ولو أضيف الاسم إلى الرحمن أو القاهر ، وقال الفراء : هذا باطل لا يجوز أن يحذف إلا مع الله ؛ لأنها كثرت معه فإذا عدوت ذلك أثبت الألف وهو الصواب.
الخامس : من (ابن) الواقع بين علمين صفة مفردا سواء كانا اسمين أم كنيتين أم لقبين أم مختلفين نحو : هذا زيد بن عمرو ، هذا أبو بكر بن أبي عبد الله ، وهذا بطة بن قفة ، ويتصور في المختلفين ست أمثلة ، وحكى أبو الفتح عن متأخري الكتاب أنهم لا يحذفون الألف مع الكنية تقدمت أو تأخرت ، قال : «وهو مردود عند العلماء على قياس مذهبهم ؛ لأن حذف التنوين مع المكني كحذفه مع الأسماء ، وإنما هو لجعل الاسمين اسما واحدا فحذفت الألف ؛ لأنه توسط الكلمة» اه.