أقول : فانظر إلى اضطراباتهم وتمحّلاتهم في الباب ، وما ذلك كله إلا دليلاً على عجزهم عن حل الإشكال ، وإلاّ فايّ وجه لحمل حديث تقديم الأقرأ على « صدر الإسلام » فقط؟ أو حمله على أن المراد هو « الأفقه »؟! وهل كان أبوبكر الأفقه حقاً؟!
وأما الوجه الآخر الذي نسبه النووي إلى أصحابه فقد رد عليه ابن حجر ... وتراهم بالتالي يعترفون بوجوب تقديم الأقرأ أو يسكتون!!
إن المتفق عليه في كتابي البخاري ومسلم أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كان هو الإمام في تلك الصلاة. وكذا جاء في حديث غيرهما ... فهذه طائفة من الأخبارصريحة في ذلك ...
وطائفة أخرى فيها بعض الإجمال ... كالحديث عند النسائي : « وكان النبي بين يدي أبي بكر ، فصلى قاعداً ، وأبوبكر يصلي بالناس ، والناس خلف أبي بكر ». والآخرعند ابن ماجة : « ثم جاء رسول الله حتى جلس إلى جنب أبي بكر حتى قضى أبوبكرصلاته ».
وطائفة ثالثة ظاهرة أو صريحة في صلاته خلف أبي بكر ، كالحديث عند النسائي وأحمد : « إن أبابكر صلى للناس ورسول الله في الصف » والحديث عند أحمد : « صلى رسول الله خلف أبي بكر قاعداً » وعنده أيضاً : « وصلى النبي خلفه قاعداً ».
ومن هنا كان هذا الموضع من المواضع المشكلة عند الشراح ، حيث اضطربت كلماتهم واختلفت أقوالهم فيه ... قال ابن حجر : « وهو اختلاف شديد » (١).
فابن الجوزي وجماعة اسقطوا ما أفاد صلاة رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلّم خلف أبي بكر عن الإعتبار ، بالنظر إلى ضعف سنده ، وإعراض البخاري
__________________
(١) فتح الباري ٢ / ١٢٠.