ومسلم عن إخراجه (١) قال ابن عبدالبرّ : « الآثار الصحاح على أن النبي هو الإمام » (٢) وقال النووي : « كان بعض العلماء زعم أن أبا بكر كان هو الإمام والنبي مقتد به ، لكن الصواب أن النبي كان هو الإمام وقد ذكره مسلم » (٣).
لكن فيه : أنه إن كان دليل الرد ضعف السند ، فقد عرفت أن جميع ما دل على أمره أبابكر بالصلاة ضعيف ، لان كان دليل الرد إعراض الشيخين فقد ثبت لدى المحققين أن إعراضهما عن حديث لا يوهنه ، كما أن إخراجهما لحديث لا يوجب قبوله. نعم ، خصوم ابن الجوزي وجماعته ملتزمون بذلك.
وعبد المغيث بن زهير وجماعة قالوا : كان أبو بكر هو الإمام أخذا بالأحاديث الصريحة في ذلك ، قال الضياء المقدسي وابن ناصر : « صح وثبت أنه صلى خلفه مقتدياً به في مرضه الذي توفى فيه ثلاث مرات ، ولا ينكر ذلك إلا جاهل لا علم له بالرواية » (٤).
لكن فيه : أنها أحاديث ضعيفة جدّاً ، ومن عمدتها ما رواه شبابة بن سوار المدلس المجروح عند المحققين ... على أن قولهما : « ثلاث مرات ، معارض بقول بعضهم « كان مرتين » وبه جزم ابن حبان (٥) وأما رمي المنكرين بالجهل فتعصب ...
والعيني وجماعة على الجمع بتعدد الواقعة ، قال العيني : « روي حديث عائشة بطرق كثيرة في الصحيحين وغيرهما ، وفيه اضطراب غير قادح.
وقال البيهقي : لا تعارض في أحاديثها ، فان الصلاة التي كان فيها النبي
__________________
(١) لابن الجوزي رسالة في هذا الباب أسماها « آفة أصحاب الحديث » نشرناها لأول مرّة بمقدّمة وتعاليق هامّة سنة ١٣٩٨هـ.
(٢) عمدة القاري ٥ / ١٩١.
(٣) المنهاج ، شرح صحيح مسلم ٣ / ٥٢.
(٤) عمدة القاري ٥ / ١٩١ ، لعبد المغيث رسالة في هذا الباب « ردّ عليها ابن الجوزي برسالته المذكورة.
(٥) عمدة القاري ٥ / ١٩١.