خطر ومعتسف غرر (١) والله قد أوجد الرخصة فيه على غير هذه الحال ، فكيف وبيت الله الآن بأيدي أقوام قد اتخذوه معيشة حرام وجعلوه سببا إلى استلاب الأموال واستحقاقها من غير حل ، ومصادرة الحجاج عليها وضرب الذلة والمسكنة الدنية عليهم ، تلافاها الله عن قريب بتطهير يرفع هذه البدع المجحفة عن المسلمين بسيوف الموحدين أنصار الدين ، وحزب الله أولى الحق والصدق ، والذابّين عن حرم الله عزّ وجل ، والغائرين على محارمه ، والجادين في إعلاء كلمته وإظهار دعوته ونصر ملته ، إنه على ما يشاء قدير ، وهو نعم المولى ونعم النصير.
وليتحقق المتحقق ويعتقد الصحيح الاعتقاد أنه لا إسلام إلا ببلاد المغرب ، لأنهم على جادة واضحة لا بنيات لها. وما سوى ذلك مما بهذه الجهات المشرقية فأهواء وبدع ، وفرق ضالة وشيع ، إلا من عصم الله عزّ وجل من أهلها. كما أنه لا عدل ولا حق ولا دين على وجهه إلا عند الموحدين ، أعزهم الله ، فهم آخر أئمة العدل في الزمان. وكل من سواهم من الملوك في هذا الأوان فعلى غير الطريقة يعشرون تجار المسلمين كأنهم أهل ذمة لديهم ، ويستجلبون أموالهم بكل حيلة وسبب ، ويركبون طرائق من الظلم لم يسمع بمثلها. اللهم إلا هذا السلطان العادل صلاح الدين ، الذي قد ذكرنا سيرته ومناقبه ، لو كان له أعوان على الحق ... مما أريد الله عز وجل يتلافى المسلمين بجميل نظره ولطيف صنعه.
الدعوة المؤمنية الموحدية (٢)
ومن عجيب ما شاهدناه في أمر الدعوة المؤمنية الموحدية وانتشار كلمتها بهذه البلاد واستشعار أهلها لملكتها أن أكثر أهلها ، بل الكل منهم يرمزون بذلك رمزا خفيا حتى يؤدي ذلك بهم إلى التصريح ، وينسبون ذلك لآثار حدثانية وقعت بأيدي بعضهم أنذرت بأشياء من الكوائن فعاينوها صحيحة.
__________________
(١) الغرر : التعرض للهلاك.
(٢) نسبة إلى عبد المؤمن بن علي الكومي مؤسس دولة الموحدين في المغرب والأندلس.