قال جياش : فأركه (١) اليأس من الحياة ، فأراق الماء في قباء درقته (٢) ، ولم يبرح (٣) من مكانه حتى قطعنا رأسه بسيفه. وكنت أول من طعنه ، وشركني (٤) فيه عبد لنجاح ، هو الذي يطعنه ، وأنا الذي جززت رأسه بيدي ، ونصبته على عود المظلة ، وأمرت بضرب الطبول والأبواق ، وركبت فرسه الحضرمي المسمى بالدبال. وأما عبد عبد الله بن محمد الصليحي ـ وكان فارس العرب ـ فحمل فينا ، وقتل منا رجالا ، ثم اعتنقه رجل منا ، وسقطا إلى الأرض ، ونادى صاحبنا : اقتلوني أنا والرجل ، فإن عز (٥) قومي رخيص بقتلي. قال : فشكهما سعيد بحربة واحدة ، وجز رأس عبد الله بن محمد ، وهو يعتقده الصليحي. ثم ركب سعيد فرس عبد الله بن محمد ، والرأسان منصوبان أمامه ، على باب المسجد الذي فيه السيدة أسماء بنت شهاب زوجة الصليحي ، فقال لها : اخرجي فصيحي [وصبحي](٦) على السلطانين. فقالت : لا صبحك الله يا أحول بخير. ثم أنشدت ووجهها مكشوفة قال ، امرىء القيس الكندي :
فإنك لم تفخر علينا كفاخر |
|
ضعيف ، ولم يغلبك مثل (٧) مغلب [٧٢] |
ثم إن سعيدا أرسل رسولا إلى الخمسة آلاف ، التي قد كان الصليحي قد بعثها من الليل ، تقتل سعيد ، يقول لهم : إن الصليحي قد قتل ، وأنا رجل منكم والعز عزكم. ولم يبرح سعيد على باب المسجد. والرأسان منصوبان معه ، والطبول تضرب ، حتى قدمت العبيد عليهم ، فسلمت عليه ، وبهم استطار على عسكر الصليحي قتلا وأسرا ونهبا.
__________________
(١) أركه اليأس أي غلبه.
(٢) في الأصل : فأراق المساء في قب درقته.
(٣) في الأصل : ولم يرم.
(٤) في الأصل : وشركه ، وفي خ : وشركني فيه عبد الملك بن نجاح بطعنة أخرى ، وجززت رأسه.
(٥) في الأصل : فإن أعز قومي رخيص بقتلي.
(٦) زيادة من خ.
(٧) راجع التعليق على الحاشية : ٧٢ (كاي).