أخبار ابن مهدي الخارجي وبنيه وذكر دولتهم باليمن ،
بدايتها وانقراضها :
هذا الرجل من أهل العنبرة ، من سواحل زبيد. وهو علي بن مهدي الحميري ، كان أبوه مهدي معروفا بالصلاح والدين ، ونشأ ابنه علي على طريقته. فاعتزل ونسك ثم حج ، ولقي علماء العراق ، وأخذ الوعظ من وعاظهم. وعاد إلى اليمن واعتزل ، ولزم الوعظ. وكان حافظا فصيحا ، ويخبر بحوادث أخباره ، فيصدق. فمال إليه الناس واغتبطوا به. وصار يتردد للحج من سنة إحدى وستين ، ويعظ الناس في البوادي. فإذا حضر الموسم ، أتاه على نجيب له. ولما استولت أم فاتك على بني جياش ، أيام ابنها فاتك بن منصور ، أحسنت فيه المعتقد ، وأطلقت له ولقرابته وأصهاره خرجهم فحسنت أحوالهم ، وأثروا ، وركبوا الخيول ، وقوي جمعهم.
وكان يقول في وعظه : دنا الوقت ، يشير إلى وقت ظهوره ، واشتهر ذلك عنه. وكانت أم فاتك تصد أهل الدعوة عنه إلى أن ماتت سنة خمس وأربعين. وكان أهل الجبال قد حالفوه على النصرة. وخرج من تهامة سنة ثمان وثلاثين ، وقصد الكدراء فانهزم ، وعاد إلى الجبال ، وأقام بها سنة إحدى وأربعين ، ثم أعادته الحرة أم فاتك إلى وطنه ، وماتت سنة خمس وأربعين.
فخرج إلى خولان ونزل ببعض منهم يقال له : حيوان. في حصن يسمى الشرف ، وهو حصن صعب المرتقى ، على مسيرة يوم من سفح الجبل في طريقه أوعار ، في واد ضيق ، عقبة كؤود. وسماهم الأنصار ، وسمّى كل من صعد معه من تهامة ، المهاجرين. وأمر للأنصار رجلا اسمه سبأ ، وللمهاجرين آخر أسماه شيخ الإسلام ، واسمه النوبة. واحتجب عمن سواهما.
وجعل يشن الغارات على أرض تهامة ، وأعانه على ذلك خراب النواحي بزبيد فقطع سابلتها ، وأخرب نواحيها ، وانتهى إلى حصن الداشر ، على نصف مرحلة من زبيد ، وأعمل الحيلة في قتل سرور ، مدبر الدولة