فقتل كما مر. وأقام يتحيف (١) زبيد بالزحوف. قال عمارة : زاحفها سبعين زحفا ، وحاصرها طويلا. واستمدوا الشريف أحمد بن حمزة السليماني ـ صاحب صعدة ـ فأمدهم. وشرط عليهم قتل سيدهم فاتك بن محمد ، فقتلوه سنة ثلاث وخمسين. وملك عليهم الشريف ، ثم عجز وهرب عنهم. واستولى علي بن مهدي عليها في رجب سنة أربع وخمسين. ومات لثلاثة أشهر من استيلائه.
وكان يخطب له بالإمام المهدي ، أمير المؤمنين ، وقاطع الكفرة المعتدين ، وكان على رأي الخوارج يبرأ من علي وعثمان. ويكفر بالذنوب. وله قواعد ونواميس في مذهبه ، يطول ذكرها. وكان يقتل على شرب الخمر. قال عمارة : كان يقتل كل من يخالفه من أهل القبلة ، ويستبيح نساءهم ، وأولادهم ، وكانوا يعتقدون فيه العصمة ، وكانت أموالهم تحت يده ، ينفقها عليهم في مؤنهم. ولا يملكون معه مالا ولا فرسا ولا سلاحا. وكان يقتل المنهزم من أصحابه ، ويقتل الزاني ، وشارب الخمر ، وسامع الغناء ، ويقتل من تأخر عن صلاة الجماعة ، ومن تأخر عن وعظه يومي (٢) الاثنين والخميس. وكان حنفيا في الفروع.
ولما توفي تولى بعده ابنه عبد النبي ، وانتقض عليه أخوه عبد الله ، وغلبه على زبيد واستولى على اليمن أجمع ، وبه يومئذ خمس وعشرون دولة ، فاستولى على جميعها ، ولم يبق له سوى عدن ، ففرض عليها الجزية.
ولما دخل شمس الدولة توران شاه بن أيوب. أخو صلاح الدين ، سنة تسع (٣) وستين وخمس مئة ، واستولى على الدولة التي كانت باليمن ، فقبض على عبد النبي وامتحنه ، وأخذ منه أموالا عظيمة. وحمله إلى عدن ، فاستولى عليها.
__________________
(١) يعني يظلمها.
(٢) في الأصل : يوم.
(٣) في الأصل : ست.