كغيرها من العيون.
قال الواقدي رحمه الله تعالى وكان بالمدينة على زمان معاوية صوافي كثيرة كان يجدّ بالمدينة وأعراضها ألف وسق وخمسين ألف وسق ويحصد مائة ألف وسق حنطة انتهى فهذا الذي كان يجدّه معاوية وحده فما بالك بما كان لغيره من الرعايا ووجوه الناس فقد كان للصحابة رضي الله تعالى عنه وأبنائهم في ذلك الزمان ضياع وقرى ومزارع كثيرة بالمدينة وما حولها وما أظن هذا العدد الذي كان يستغل لمعاوية رضي الله عنه بالمدينة قط يستغل في زماننا هذا من أرض الحجاز كلها مع سعة أقطارها ما عدا نجدا فإن بها مزارع كثيرة وبهذا نعلم نسبة زماننا هذا إلى الأزمنة الماضية في سعة الأرزاق وكثرة الخلق مع ان اهتمامهم في ذلك الوقت بالدين كان أكثر من اهتمامهم بالدنيا فأنت ترى كيف انبساطها عليهم وأما الآن فالاهتمام كله بالدنيا ولم يبق من الاهتمام بالدين إلا ما نسبته إلى الاهتمام بالدنيا نسبة الفلك الأعظم إلى الجزء الذي لا يتجزأ وهذا أعظم دليل على قرب انقراض الدنيا واستبدال عمرانها بالخراب وأنهارها بالسراب فإن عمرانها إنما هو بأسباب الدنيا ووالدين (١) وأنت ترى ما آل إليه أمرهما معا فنسأل الله تعالى الخروج من الدنيا بلا محنة ولا بدعة آمين.
قال السيد ومن الغرائب ما ذكره الميورقي في فضائل الطائف عن شيخ الخدام بدر الشهابي (٢) انه بلغه أن ميضاة وقعت في عين الأزرق بالطائف فخرجت بعين الأزرق بالمدينة انتهى.
قال شيخنا أبو سالم ولعل هذه الحكاية وأمثالها هي السبب في اعتقاد كثير من جهلة الحجاج أن العين الزرقاء أصلها من مكة وأنها هي التي جاءت إلى مكة من
__________________
(١) في الرحلة العياشية والبنين.
(٢) كذا في الرحلة العياشية وفي الرحلة الناصرية الشهاب وفي جميع النسخ التهامي.