أي الضمير المرتفع أي الغائب عن الأكوان بوصوله إلى المكون وانفصاله عن الخلق واتصاله بالحق أنا هو إذ هو محو محض وفناء صرف وأن صاحب الصحو رجع إلى ظاهر الشريعة فيقول في حال صحوة وأنت والفروع أي الصديقون لا تشتبه أي لا تلتبس لأن الصديق لا يلتبس بالزنديق ، فإن ما خامر القلوب فعلى الوجه يلوح آثاره ، الأسرة تدل على السريرة ، وأن الناس أيضا حوانيت مغلقة فإذا تكلم الرجلان تبين العطار من البيطار ، ما كان فيك ظهر على فيك ، كل إناء بما فيه يرشح ، ولأن الكلام صفة المتكلم ، ويعرف صدق الرجل بثلاث عند مغاضبته أن لازم الحق واتصف بالصدق فلهو ذاك وإلا فليس هناك انتهى.
وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه المرء مخبو تحت لسانه فإن تكلم فمن حينه وإن سكت فمن يومهم انتهى.
هذا وإن شطحات العارف تقوي ما ذكرناه وتؤيد ما أصلناه نعم شطحه على قدر غيبته عن الأكوان وقوة اتصاله بالمكون لأن عالم الأرواح بقدر تمكنه وسريانه في عالم الملك والملكوت وكذا ما دونه من عالم الجبروت تتقوى بصيرته وتتجلى أنواره فتتدلى له العلوم الإلهية ، والمواهب الربانية ، والواردات الجسمانية ، فتضمحل نفسه وتتلاشى أحواله فيغلب عليه الشهود وتتراكم عليه الرعود والصواعق من زواجر الخوف وسرادق الهيبة ولوائح الجلال فيكون كله بكله فلا يرى في حضرته سوى محبوبه فإن التفت عنه زل قدمه وسقط حضه فيترامى جذبا ويملتئ عشقا ويكتسي معرفة فيتغذى بتجريد التوحيد وتجريد التفريد فينادي بلسان الحقيقة إلا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين وحينئذ تكون عنده مفاتيح الغيب فيعرف مسالك البر أعني الشريعة وطرق البحر أعني الحقيقة ثم يثمر بثمرات التجلي بأوصافه ويتخلق بمعاني أسمائه ليكون طاهر القلب بالتعريف ، وجميل الظاهر ، بالتكليف ، فتنطبق عليه الصفة