ومتعته في استقصاء العجيب والجميل ، ربما لا يقترب جنس آخر إلى هذا الفن سوى أدب السيرة الذاتية. ومخطوطة «الدرّ المنظوم في ذكر محاسن الأمصار والرسوم» للسيد حمود بن أحمد بن سيف ابن محمد البوسعيدي لا تخيب ظن قارئها وتوقعاته بأن يجد مادة بها من الفائدة والتسلية ما يدفعه لمواصلة القراءة حتى الكلمة الأخيرة. وعلى مستوى أسلوب السرد ولغته فإن القارئ سيجدها بحق فريدة في بابها وانعكاسا لثقافات عربية أفريقية صيغت معا لتبرز الهوية السواحلية بامتياز.
١ ـ كتاب الدرّ المنظوم.
انطلقت الرحلة من ميناء بندر زنجبار يوم ٢٥ من شوال سنة ١٢٨٨ ه ، بعد صلاة الصبح الموافق ٨ يناير ١٨٧٢ م. وكان الكاتب برفقة السلطان برغش بن سعيد بن سلطان البوسعيدي (١٨٧٠ ـ ١٨٨٨) حاكم زنجبار آنذاك ، متوجهين إلى الحجاز لأداء فريضة الحج. وهدف الرحلة ـ كما يؤكد الكاتب ـ هو إحياء شعيرة السياحة التي هي «من سنن الأنبياء والسادة الأتقياء ، وفيها تضرب الأمثال والعبر» ، وهذا هو السبب الديني.