وثمة سبب آخر يتصل بفوائد السفر المعروفة مما أشرنا إليه آنفا في صدر هذه المقدمة من الفوائد العلمية والنفسية التي تعود على السائح. والكاتب يقول فيما يضمّن من شعر إن التنقّل اللذيذ الذي يشير إليه الشعراء عادة لا يقتصر على التنقّل بين محبوبات عديدات بل يمكن أن يتوسع في مفهومه ليشمل التنقّل بين الأماكن ، أي السفر ، والعبّ من ملذات كل مكان :
تنقّل فلذات الهوى في التنقّل |
|
ورد كلّ صاف لا تقف عند منهل |
ففي الأرض أجناب وفيها منازل |
|
فلا تبك من ذكرى حبيب ومنزل |
وبعد سفر ثمانية عشر يوما ، أي في ١٤ من ذي القعدة يصلون إلى ميناء بندر جدة بأرض الحجاز ، ثم منها إلى مكة المكرمة لأداء شعيرة الحج. ثم إن السلطان برغش يسافر إلى المدينة المنوّرة لزيارة قبر الرسول صلىاللهعليهوسلم ، عائدا إلى جدة فزنجبار.
أما الكاتب فقد بقي في مكة المكرمة «مجاورا لبيت الله الحرام وزمزم والمقام». ثم يزور في الحجاز مدينة الطائف ، ليبدأ بعد ذلك رحلة أخرى تنفتح على بلدان تقع ضمن نفوذ الدولة العثمانية هي مصر التي يزور فيها القاهرة والإسكندرية وبو سعيد ، وما كان يعرف بأرض الشام ، زائرا فيه دمشق والقدس وبيروت.