ورأينا كرخانة القروش في القلعة ، وكذلك سجن النبي يوسف عليهالسلام ، وهي بئر كبيرة عميقة في القلعة ونزلنا إلى بعضها ، ورأينا الموضع الذي كان يجلس فيه النبي يوسف عليهالسلام ، وهو في جانب من البئر. وطريقها مظلمة ينزلونها إليها بالشموع ، وهم يجذبون الماء منها للقلعة على راسين من الخيل ، لأنها بئر عظيمة هائلة ، وماؤها عذب. وفي بستان القلعة المذكور بركة عليها صور سباع يخرج الماء من أفواهها ، وفي وسطها كذلك يخرج الماء كمثل الشجرة.
وجواري الدخان في بر مصر كثيرة متفرقة في بلدان شتى ، وكذلك السواعي (١) من كبار وصغار شيء كثير لا يحصى ولا يعد ، نجدها حيثما سرنا ، في الشط بنفسه وفي فروعه تحمل الأمتعة إلى مصر وباقي البلدان. ومن العجائب أننا رأينا أناسا في بر مصر عراة مثل البهائم ، وهم مع الناس ولا أحد ينكر عليهم ، كيوم ولدتهم أمهاتهم. والبهائم معهم كثيرة من كل صنف ، ورأيناهم يركبون على الجاموس. وأكثر أحمالهم على الجمال والسواعي والبوابير. والبابور الواحد يجر مائة عربة تحمل أثقالا كثيرة من أموال وحيوان
__________________
(١) هي المراكب النهرية الصغيرة. تعرف في بعض اللهجات العربية بالبلم.