وهذه المزارع تبلغ حدا لا يبلغه نظر الإنسان ، فلا يرى أقصاها ، ربما أنها مسير أشهر ، وهي صحن واحد ما فيها مكان موضع مرتفع غير موضع البيوت والنخل ، وفيها جملة شجر ، وفي بعض الطرقات يعملون جسورا يمشون عليها ، وهي دكاك (١) من تراب مرتفعة ممتدة من بلد إلى بلد بغير بناء.
وهذه المزارع ثلاث أصناف ؛ صنف منها يسقيها الشط في الحول مرة ، وصنف منها يسقونه من فروع الشط متى ما أرادوا ، وصنف منها يسقونها على البهائم من الشط. وفيها جملة معاصر دخان وغيره ، ويحصل منها خير كثير. أخبرنا إنسان اسمه علي أغا ، سلحدار المرحوم الشريف محمد بن عون ، والآن هو القائم على الأراضي التي بتلك الجهات في حدوده من أرض البهنسا ، أخبرنا أنه باع تبن البر بسبعمائة وخمسين فونا. والفون عشرة ريالات عن ثلاثة آلاف وسبعمائة وخمسين ريالا. فإذا كان إنسان واحد يبيع من التبن بهذا المقدار ، فكم من غيره ، وكم وكم مثله وأشكل منه ، فالملك لله الواحد القهار. رأينا شيئا لا يقاس ولا يكيّف ولا تسعه العقول.
__________________
(١) مفردها دك ، أي الجسر الصغير من التراب.