بقربها دارا لسكناه وجعلها متصلة بدار المشيخة القديمة. وفي سنة ثمان وتسعين حصلت صاعقة رمت جانبا من المنارة الرئيسية فسقط على سطح المسجد بعض أحجارها بحيث خسف بعض المباني التي علوّ موقف الزائرين ، فبادر لتنظيفها مباشرا ذلك بنفسه ، وأصلح بعضه ثم رسم بإصلاح المنارة ، فأصلح ما أمكنه من ذلك ، وترك الباقي إلى مجيء مهندسها أو غيره ، وأصلح بعلو سطح مسجد قباء ساتر الكرسي «الذي» جدده ابن الزمن ، كان قد تداعى للسقوط ، وكذا جدد سقف مسجد القبلتين والمسجد الذي جمع فيه ومحل عتبان بن مالك ومسجد بني قريظة من العوالي. وفي سنة اثنتين وتسعين حين جاء على ولاية المشيخة عين في مدرسة السلطان غالب صوفيتها ، وفوض إليه فيها النظر في القبة التي على الحجرة النبوية حين تشققت من أعاليها وفي المنارة الرئيسية ، فأحكم الأمر في ذلك ونمت أمواله بحدائق اشتراها كبئر بضاعة أحد الآبار النبوية ، وجل «بها» النفع سوى ما يستأجره منها وما هو تحت نظره ، واقتدى في هذا ونحوه بعمر بن عبد العزيز كاتب الحرم ، وعظم شأنه بالأقطار الحجازية عند أمرائها وأشرافها وقضاتها وعربها وقبائلها ، بحيث كان الانفراد بذلك مع إمساكه ، ولكنه في الجملة أبسط من أخيه. وسار يعمل المولد في ليلته بالروضة النبوية بين العشائين ، ثم بمنزله بعد العشاء ويقرأ الشمس المسكين بين يديه من محل جلوسه بصحن المسجد الشريف في السير والحديث والتفسير ونحو ذلك ، ويحضر ذلك من شاء الله من القضاة وغيرهم ، ولا يخلو غالب أوقاته عن تلاوة أو مطالعة مع سبع يقرؤه كل ليلة في جماعة بعد صلاة العشاء. وكان قبل ذلك يتذاكر في شرح الهداية مع الشمسي بن جلال وقبله قليلا مع الطرابلسي ويجود القرآن قبله وبعده مع الشمس البكري ، ويتخاصم بمجلسه أو بحضرته الطلبة بالكلمات الفاحشة المنكرة والمشافهات القبيحة. ولا ينكر عليهم. ولما كنت بالحضرة الشريفة تكدر بين الخطيب الوزيري والشريف السمهودي من ذلك وقالوا : لو لم يكن يرضيه ما جسر الخطيب عليه ، وكان يرغبني في الزيارة النبوية ويفهم تلقنه للأخذ ، فلما قدمتها في أثناء سنة ثمان وتسعين وكانت معاملة قانم معي أحسن بل لا نسبة لهذا به. نعم عنده من تصانيفي أشياء ، والله يحسن العاقبة. وتزوج ابنة استاذه بعد موت زوجها الأمير خير بك الظاهري خشقدم ، ثم فارقها بعد أن أولدها ما أثكلاه ، وبعد مدة تزوج ابنة أخيها الكمالي بعد موت والدها ، وكذا زوج ابنته من مستولدة له بمملوكه جان بلاط ، وكان العقد في ثامن شعبان سنة ثمان وتسعين بسكن أبيها. أقول : وذكر المؤلف في تاريخه باختصار مما تقدم مع عظمته ، وذكر وظائفه وعمائره بالحرمين الشريفين ، وهو كفؤ في كل ما كان يفوض إليه حسن النظر والتأمل وإنفاد أوقاته بالعبادة والتلاوة وسماع الحديث والمطالعة والتطلع إلى الترقي في الفضائل ، وعنده من تصانيفي عدة لما حواه من كتب العلم. وبالجملة فهو نادرة في أبناء جنسه ، حسنة من حسنات الدهر ، ومحاضرته جيدة وأدبه كثير ، وعقله شهير ، وأهل طيبة