المسماة بعالم القبر ، العالم المتوسط بين الموت والقيامة ، ينعم فيه الميت أو يعذّب تقوم والقيامة » (١).
وفي هذا الضوء فإنّا نرى الحياة البرزخية حقيقة قرآنية واقعة لا محالة ، لهذا ورد أن من خصائص الدفن في النجف عند أمير المؤمنين عليهالسلام ، أو من آثاره ، رفع عذاب البرزخ ، فتأمل : ( وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ الأَجْدَاثِ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ (٥١) ) (٢).
وهذه نفخة البعث والاحياء وهي النفخة الثانية ، أما النفخة الأولى فهي والثانية تتمثل في قوله تعالى : ( وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الأَرْضِ إِلاَّ مَن شَاءَ اللهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَىٰ فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنظُرُونَ (٦٨) ) (٣). وبهذا نظهر أن النفخ نفختان ؛ الأولى للإماتة الشاملة إلا من شاء الله ، والثانية للاحياء والنشور ، وهو ظاهر القرآن وتدل عليه روايات الائمة عليهمالسلام.
هنالك يصدر نداء الملكوت الجبروتي المطلق من قبل الله تعالى : ( لِّمَنِ المُلْكُ الْيَوْمَ للهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ ) (٤). وهما سؤال وجواب منه تعالى في آن واحد ، إذ لا مجيب في الكون فقد انطمسوا في ظل الفناء والموت ، وبقي الحيّ القيوم وحده لبيان حقيقة الملك السرمدي.
عند ذلك ينفرج الجمع في المحشر إلى فريقين أهل النار وأهل الجنة : ( وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَىٰ جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّىٰ إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَٰذَا قَالُوا بَلَىٰ وَلَٰكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ (٧١) قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى المُتَكَبِّرِينَ (٧٢) وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّىٰ إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ (٧٣) ) (٥).
ويصف القرآن حياة أهل الجنة في مئات من الآيات البيّنات ، ويصف
__________________
(١) الطباطبائي ، الميزان في تفسير القرآن : ١ / ٣٤٩.
(٢) ياسين : ٥١.
(٣) الزمر : ٦٨.
(٤) المؤمن : ١٦.
(٥) الزمر : ٧١ ـ ٧٣.