بفتحتين ـ اسم لما يكون منه السكر » (١).
وفي الآية ـ وهي مكية أيضاً كسابقتها ـ تفصيل لما يتّخذه الناس بعامة ـ دون الخواص ـ من النخيل والأعناب ، وذلك على نوعين : ما هو مسكر كالخمر ومشتقاتها ، وما هو من الرزق الحسن كالتمر والخل والزبيب والدبس وسواها.
وتقييد الرزق بكونه حسناً ، إشارة دقيقة يلمحها البلاغي في تحقيقه ، والمتشرع في إستنباطه ، إلى أن هناك ما ليس بحسن وهو السَكَر ، فكأن هناك رزقين رزقاً طيباً وصف بالحسن ، وهو المباح من ثمرات النخيل والأعناب كالتمر والزبيب وسواهما ، ورزقاً غير طيب ، وهو المحرم مما تتخذ منه المسكرات ، فكان بين الاثنين مقابلة في البين. وليس في ذلك أدنى إشارة إلى تحليل المسكرات.
قال الطباطبائي في الميزان « ولا دلة في الآية على إباحة استعمال المسكر ، ولا على تحسين استعماله ، إن لم تدل على نوع من تقبيحه من جهة مقابلته بالرزق الحسن ، وإنما الآية تعد ما ينتفعون به من ثمرات النخيل والأعناب ، وهي مكية بخاطب المشركين ، وتدعوهم إلى التوحيد » (٢).
ثالثاً : وفي عملية لفرز مضار الخمر عن منافعها المتصورة قال تعالى : ( يَسْأَلُونَكَ عَنِ الخَمْرِ وَالمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا ) (٣).
فبيّن سبحانه وتعالى أن في الخمر والميسر إثماً كبيراً ، والإثم هو الوزر العظيم ، وفيهما أيضاً « منافع للناس » بما يتخيلونه نفعاً من أثمانها في بيعها وشرائها ، وما يتوهمونه من النشوة في شرب الخمر ومعاقرتها ، وما يأخذونه من السحت في لعب القمار ، وما يجدونه من الغلبة حيناً فيها ، وما
__________________
(١) الراغب ، المفردات في غريب القرآن : ٢٣٦.
(٢) الطباطبائي ، الميزان في تفسير القرآن : ١٢ / ٢٩٠.
(٣) البقرة : ٢١٩.