فقتله وانهزم أهل إصبهان وسمّى المسلمون ذلك الرستاق رستاق الشيخ فهو اسمه إلى اليوم ودعا عبد الله بن عبد الله من يليه فتسارع الأستندار إلى الصلح فصالحهم فهذا أوّل رستاق من إصبهان أخذ وصالح. ثمّ سار عبد الله من رستاق الشيخ نحو جيّ لا يجد فيها أحدا حتّى انتهى إلى جيّ والملك بإصبهان يومئذ الفاذوسفان وقد أخذ بها فنزل بالناس على جيّ فحاصرهم فخرجوا إليه بعد ما شاء الله من زحف فلمّا التقوا قال الفادوسفان لعبد الله لا تقتل أصحابي ولا أقتل أصحابك ولكن ابرز فإن قتلتك رجع أصحابك وإن قتلتني سالمك أصحابي وإن كان أصحابي لا يقع لهم نشّابة فبرز له عبد الله وقال إمّا أن تحمل عليّ وإمّا أن أحمل عليك قال أحمل عليك فوقف له عبد الله فحمل عليه الفاذوسفان فطعنه وأصاب قربوس السرج فكسره وقطع اللبب والحزام وزال اللبد والسرج وعبد الله على الفرس فوقع عبد الله قائما ثمّ استوى على الفرس عريانا وقال له أثبت فحاجزه وقال ما أحبّ أن أقاتلك فإني قد رأيتك رجلا كاملا ولكن أرجع معك إلى عسكرك فأصالحك وأدفع المدينة إليك على أنّ من شاء أقام وأدّى الجزية وقام على ماله وعلى أن نجري من أخذتم أرضه مجراهم ويتراجعون ومن أبى أن يدخل فيما دخلنا فيه ذهب حيث شاء ولكم أرضه قال لكم ذلك. وقدم عليه أبو موسى من ناحية الأهواز (١) وقد صالح الفاذوسفان عبد الله فخرج القوم من جيّ ودخلوا في الذمة إلّا ثلاثين رجلا من أهل إصبهان خالفوا قومهم وتجمّعوا بكرمان في حاشيتهم لجمع كان بها ودخل عبد الله وأبو موسى جيّ وجيّ مدينة إصبهان وكتب بذلك إلى عمر واغبط من أقام وندم من شخص. وقدم كتاب عمر على عبد الله أن سر حتّى تقدم على سهيل بن عديّ فتجامعه على قتال من بكرمان وخلّف في جيّ من بقي جيّ واستخلف على إصبهان السائب بن الأقرع. قال وحدّثنا سيف عن نفر من أصحاب الحسن منهم مبارك بن فضالة عن الحسن عن أسيد بن المتشمس ابن أخي الأحنف قال شهدت مع أبي موسى فتح إصبهان وإنّما شهدوها مددا. وهذا كتاب صلح إصبهان حدّثنا محمّد بن العبّاس قراءة وأنا حاضره وأخبرني أيضا أحمد بن
__________________
(١) الأهواز : جمع هوز وأصله حوز فلما كثر استعمال الفرس لهذه اللفظة غيرتها حتى أذهبت أصلها جملة لأنه ليس في كلام الفرس حاء. وعلى هذا يكون الأهواز اسما عربيا سمي به في الإسلام وكان اسمها من أيام الفرس خوزستان وهي كورة عظيمة (الأهواز) ينسب إليها سائر الكور. ولها ترجمة طويلة ومفيدة أنظرها في معجم البلدان (١ / ٢٨٤ : ٢٨٦).